وعن مَالِكٍ: أنه اعتبر مع صلاةِ الإمَامِ وخُطْبته تضحيته أَيْضاً ولو قال صاحبُ الكتاب بعد مُضِيِّ خُطْبتيْن وركْعَتيْنِ بدلاً عَنْ قولهِ "وبعد مِقْدَارِ خُطْبتين" كان أَلْيَقَ بما (1) قبلَه من النظْمِ.
ويجوزُ إعلامُ لفظ "الخُطْبتيْن" بالواو؛ للوجه المنقول عن بَعْضِ التصانِيف.
وقولُه: "بَلْ طَوِيلَتَيْنِ على العَادَة" أَيْ: الطُّولُ المعْتَادُ، وهو التوسُّطُ والمرادُ مِنْه وجهُ اعتبارِ صَلاَةِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وخُطْبتِهِ على ما قدمنا.
وقوله (2) "ويجزئ باللَّيْلِ" مُعْلَمٌ بالميمِ والأَلِفِ.
وقولُه: "ثالث أيام التشريقِ" مُعْلَمٌ بالحاءِ والمِيمِ والأَلِفِ، وكان بسبيل من أن يَسْتَغْنِي عنهما بما سبق. وختم الفَصْلَ بكلامَيْنِ:
أَحَدُهما: ذكر الإمامُ أَنَّ مَنْ فاته التضحيةُ فَلْينتَظِرُ وقْتَها من قابل وحينئذٍ يقعُ عن حَقِّ الوقْتِ ولا يصفو هذا عن إِشْكَالٍ.
والثاني: جَمِيعُ ما ذكرنا من الأُضْحيةِ المُتطوَّع بها، فأما المنْذُورُ ففي تَأْقِيتِها خلافٌ سيأتي من بعد إن شاء الله تعالى.
قال الغَزَالِي
ُّ: (الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الذِّابِحْ) وَمَنْ حَلَّ ذَبِيحَتُهُ صَحَّ مُبَاشَرَتُهُ لِلتَّضْحِيَةِ* وَلَكِنْ لَوْ وَكَّلَ كِتَابِيّاً فَلْيَنْوِ بِنَفْسِهِ* وَلَوْ وَكَّلَ مُسْلِماً بِالتَّضْحِيَةِ وَالنِّيَّةِ جَازَ* وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ ضَحِيَّةَ أَغْنَاهُ عَنْ تَجْدِيدِ النِّيِّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ* وَلاَ ضَحِيَّةَ لِلرَّقِيقِ إِذْ لاَ مِلْكَ لَهُ* وَفِي المُكَاتَبِ إِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ خِلافٌ* وَلْيُبَاشِرِ الذَّبْحَ بِنَفْسِهِ أَوْ لِيَشْهَدْ فَهُوَ أَحَبُّ.
قال الرَّافِعِيُّ: فيه مَسَائِلُ:
إحْدَاهَا: المسْتَحَبُّ للمضحِّي أن يذبحَ الضَّحِيَة (3) بيده، وكذا المهدي يذبح الهدْيَ بنفسه (4)؛ لما رُوي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أَهْدَى مِائَةَ بدنةٍ فنحر منها بيَدِه سِتَّةً وسِتِّينَ وأمر عَلِيّاً كرم الله وجهه فنَحَرَ البَاقِي (5).