وعن أَبِي حَنيفةَ: لا يزولُ المِلْكُ عنها، وله بيعُها وإبْدَالُها. ولو نذر العِتْقَ في عَبْدٍ بعَيْنِه، لم يجز بيعُه وإِبْدَالُه، وإن لم يزل المِلْكُ عنه. وقال أَبُو حنيفةَ: يجوزُ.
ولو خالف ما ذكرناه وباع الأُضْحيةَ والهدْيَ المعيَّنَ -فيُسْتردُّ إن كانت العيْنُ باقيةً، ويردُّ الثمنَ. وإن أَتْلَفها المشتَرِي أو تلِفَتْ عنده فعلَيْه القيمةُ أكثر ما كانت من يوم القَبْضِ إلى يوم التَّلَفِ.
والناذِرُ يَشْتَرِي بتلك القِيمَةِ مِثْلَ الذي تلِفَ جِنْساً ونَوْعاً وسِنّاً فإن لم يجِدْ بالقِيمَةِ المثْلَ لغلاء حَدَثَ فيضم إليها مِنْ عنده ما يتم به الثمنُ، وهذا معنى قولِ الأَصْحابِ: إنه يضْمَنُ ما باعَ بأكثر الأَمْرَيْن مِن قِيمته ومِثْله.
وإن كانت القيمةُ أكْثَر من ثَمَنِ المِثْلِ لِرُخْصٍ حادثٍ، فعلى ما سنذكرُ إنْ شاء الله تعالى في نظيره ثم المثل إنِ اشْترى بعيْنِ القيمةِ -صار المُشْتَري ضحيةً بنفس الشراءِ (1)، وإنِ اشْتراه في الذِّمة ونوى عند الشراءِ أنَّها أُضْحيةٌ فكذلك، وإلاَّ فليجعله بعد الشراء أُضْحِيَةً؛ ذكره الرُّوَيانِي وغيره.
وكما لا يصحُّ بيعُ الضحية التي عُيِّنَتْ -لاَ يَصِحُّ إجارتُها؛ اتباعاً للمنافع بالأَعْيان ويجوزُ إعارَتُها؛ لأنها إرفاقٌ. ولو ركبها (2) المُسْتأْجِرُ فتلِفَتْ ضمن المؤَجِّر قِيمتَها والمستأجر الأُجْرة، وفي الأجرة التي يضمنها وجهانِ:
أَظْهرُهما: أُجْرةُ المِثْل.
والثاني: الأكثرُ مِنْ أُجْرةِ المِثْل والمُسَمَّى، ثم يصرفها مصرف الضحايا أو الفقراء خاصةً؟ حكى "صاحب البَحْر" فيه وجهين. إذا تقرر ذلك فلو قال: جعلتُ هذه البدَنَةَ أو الشاةَ ضَحِيَّةً، أو نذر أَنْ يُضَحِّي ببدنةٍ أو شاةٍ عَيَّنَها فماتَتْ قبل يوم النَّحْر أو سُرِقَتْ قبل أن يتمكَّنَ مِنَ الذَّبْحِ يوم النحر -فلا شَيْءَ عليه، وكذا الهَدْيُ المَعيَّن إذا تَلِفَ قبل بلُوغِ المنسَكِ أو بَعْدَهُ وقبل التمكُّنِ من الذبح.
ولو كان في ذِمَّتِه دَمٌ عن قِرَانٍ أو تمتُّعٍ أو أُضْحيةٍ أو هَدْيٍ عن نَذْرٍ مُطْلق ثم عُيَّن بدنةً أو شاةً عما في ذِمَّته -فقد قدَّمْنَا خِلاَفاً في أنها هل تتعيَّينُ؟ وَالظاهِرُ التَّعْيِينُ، وحينئذٍ فالظاهِرُ زوالُ المِلْكِ عنها؛ كالمعينة ابتداءً لكن لو تَلِفَتْ ففي وُجُوبِ الإِبْدَالِ وَجْهانِ رواهما الإمامُ وصاحبُ الكتاب:
أَحَدِهما: المنعُ؛ لأنَّها تعينت بالتعْيِين فتلتحِقُ بما إذا قال: جعلتُ هذه الشاةَ ضحيهً.