أَوْجَةٌ، ويُشْبه ألاَّ يكونَ فِيه خلافٌ محقق لكنَّ مقصودَ الوجْهِ أَلاَّ يجبَ شراءُ الشِّقْصِ، ويجوز إخراجِ الدراهِمِ، وقد يُتساهَلُ في ذكْر المصرِفِ (1) في مثل ذلك (2).
وفيه وجْهٌ ثالِثٌ: أنه يشترِي بها لَحْماً، ويتصدَّقُ به؛ فإنه أقربُ إلى التضْحِية مِنْ تَفْرِقَةِ الدَّراهِمِ، فإن كان الدراهمُ قَدْراً لا يمكِنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بها شِقْصاً؛ لقلته -سقط الوجْهُ الأول، ويبقى الثانِي والثَّالثُ.
وعَنِ "الحَاوِي" ترتيبٌ حَسَنٌ لأحوالٍ تُفْرَضُ في هذه الصورة وهي أنه إذا كان المُتْلَفُ ثَنِيَّةً من الضَّأْنِ مثلاً، ولم يمكن أن يشتري بالمأْخُوذِ مِثْلَها أو أمكن أَنْ يشتريَ به (3) جَذَعَةً من الضأْنِ وثَنِيَّةً من المعْزِ فيتعينُ الأَوَّلُ؛ رعايةً للنوع، وإن أمكن شراءُ الثنية من المعْزِ وما دون الجذَعَةِ من الضَّأْنِ، فيتعين الأول لأن الثاني لا يصلح للتضحية.
وإن أَمْكَن شراءُ ما دُون الجدَعَةِ وشراءُ سَهْم من الضحية، فيتعيَّن الأول؛ لأن التضحيةَ لم تحصُلْ لواحدٍ منهما، وفي الأول إراقة دَمٍ كامل.
وإن أمكن شراءُ سَهْمٍ، وَشُرَاءُ لَحْمٍ -فيتعيَّن الأولُ؛ لأن فيه شِرْكةً في إراقَةِ الدَّمِ، وإن لم يمكن إلاَّ شراءُ اللحم وتفرقةُ الدراهِم- فيتعيَّن الأولُ؛ لأن اللحمَ هو مقصودُ الأُضْحية، وإن وُجِد إتلافٌ منَ المضحي فوجهان ذكرهما الإمامُ:
أَحدُهما: أن الواجِبَ عليه قيمتُه يوم الإِتْلافِ كالإِجْنبي، وبهذا قال أَبُو حَنِيفَة وأحمدُ -رحمهما الله-.
وأَصحُّهمَا: أنه يلزمه أكثرُ الأَمْرَيْنِ من قيمتهِ، وتحصيل مثله كما ذكرنا فيما إذا باع الأُضْحيةَ المعيَّنة، وتلِفَتْ عند المشتري؛ واحتج له بأن مَنْ نذر أضحيةً فقد ألزم نفْسَه أمريْن مقصودَينِ -وهما النحرُ وتفرقةُ اللحمِ.
فإن كانت القيمةُ أكثرَ، لزمه ذلك اللحمُ، وإن كان المثل أكثر لزمه ذلك؛ لتحصيل النَّحْرِ (4) فهو كما لو نَذَرَ أُضْحِيتْينِ ثم أَتْلَفهما عليه ضمانهما، وعلى هذا فإن كانت قيمةُ يوْم الإتلافِ أكثرَ ثم رَخُصَتِ الغنمُ وأمكن شراءُ مِثْلِ الشاةِ الأُولَى ببعضها فيشتري بها كَرِيَمةً، أو شاتين فصاعداً، وإن لم يُوجَدْ كريمةٌ وفضل مالاً يفي بأُخْرَى فعلى ما ذكرنا فِيما إذا لم تَفِ القيمةُ عند إتلافِ الأَجْنبِيّ بشاة وهاهنا وجهٌ: أَنَّ له أنْ يَصْرِفَ ما فَضَلَ عن واحدٍ إلى غير المِثْل؛ لأن الزيادةَ بعد حُصُولِ المِلْكِ كابتداء الضحية.