خَمْسِينَ مَثَلاً، أَمَّا فِي المُبَادَرةَ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ المَالُ شَرْطَاً لِمَنْ سَبَقَ إِلَى عَشَرَةٍ فَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ عَدَدِ الأَرْشَاقِ قَوْلاَنِ، وَكَذَلِكَ فِي تَعْيينِ مَنْ لَهُ البِدَايَةُ فِي الرَّمْي قَوْلانِ أحدُهُمَا: أنَّهُ إِنْ لَمْ يُذْكَرْ فَسَدَ وَهُوَ القِيَاسُ وَالثَّانِي: أَنَّ البِدَايَةَ للِمَسْبُوقِ وَهُوَ العَادَةُ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ: يُقْرَعُ ثُمَّ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ القُرْعَةَ هَلْ لَهُ البِدَايَةُ فِي كُلِّ يراجع رَشَقٍ أَمْ يَخُتَصُّ حُكْمُهَا بِالنَّوُبَةِ الأُوْلَى فِيهِ وَجْهَانِ فَرْعٌ: فِي صِحَّة العَقْدِ عَلَى التَّرْتَابِ وَمَقْصُودِ الإِبْعَادِ دُونَ الإِصَابَةِ وَجْهَانِ وَالأَصَحُّ الجَوَازُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُشترطِ في المناضلة العلم بأمور يختلف الغرض باختلافها.
منها: المال المشروط؛ على ما ذكرنا في المسابقة.
ومنها: عدد الإِصابة كخَمْسٍ من عشرين؛ لأن الاستحقاق بالإِصابة وبها يتبين حَذَقِ الرامي وجودة رميه ولْيُبَيِّنَا، صفة الإِصابة من الفَرْع؛ وهو الإِصابة المجرَّدة والخَزْق؛ وهو أن يثقب الغرض ولا يثبت فيه، والخَسْق؛ وهو أن يثبت فيه، والخَرْم؛ وهو أن يصيب طرف الغرض فيخرمه، والمَرّق؛ وهو أن يثقب ويخرج من الجانب الآخر، وكتب كثير من الأصحاب، منهم العراقيون مصرَّحةً بأنه لا بدّ من ذكر ما يريد أن من هذه الصفات، سوى الخَرْم والمَرْق، فإنهم لم يشترطوا التعرض لهما، والأصح ما في "التهذيب": وهو أنه لا يُشترط التعرض لشيء منها؛ كالخَرْم والمَرْق، وإصابة أعلى المعرض وأسفله، وذكر أنهما، إذا أطلقا العقْدَ، يُحْمل على القَرْع، فإنه المتعارف، وأحسن من هذه العبارة أن يقال: حقيقة اللفظ ما يشترك فيه جميع ذلك.
ومنها: حكَى الإِمام قولين؛ في أنه، هل يجب إعلام المسافة التي يرميان فيها؟.
أحدهُما: وإليه ميل الشيخ أبي محمد: أنه يجب؛ لأن الأغراض تختلف باختلاف المسافة طولاً وقِصراً وفي، الإِعلام ما يبين الحال، ويرفع المنازعة، والإِعلام، إما بذكْر الذرعان أو بالمشاهدة.
والثاني: أنهما تنزل على العادة الغالبة للرماة في ذلك الموضع، كالمَعَالِيقِ في استئجار الدابة، وكمواضع النزول في الطريق، والقولان متفقان على أنه، إن لم يكن هناك عادةُ غالبة، يجب الإِعلام، وليحمل على هذه الحالة ما أطلقه الأكثرون في اشتراط إعلام المسافة، وليُرَجَّع من القولين التنزيل على العادة الغالبة؛ لأن الذي لا بدّ منه العلْم بها، وذلك تارة يكون بالإِعلام والمشاهدة، وأخرى بقرينة الحال، كما في النظائر، هذا ما أورده القاضي ابنُ كَجٍّ، وفي "المهذب" و"التهذيب": أنه، إذا كان هناك غرضٌ معلومُ المدى، يحمل مطلق العقد عليه، وإن ذكرا غاية لا يصيبها السهم بَطَلَ العقد، وإن كانت الإِصابة فيها نادرة، ففيه الوجهان أو القولان في الشروط النادرة،