وغيرِه: أن هذا مفرَّعٌ على قول وجوب الكفارة؛ أما إذا أوجبنا الوفاءَ، فيلزمه قربة من القُرَب، والتعيين إليه، وليكن ما يعينه مما يلزم بالنذر، وعلى قول التخيير يتخير بين ما ذكرنا، وبين الكفَّارة.
وقوله في الكتاب "وإن فرعنا على القول الآخر" يعني قول وجوب الكفَّارة.
ولو قال: إن فعلْتُ كذا، فعليَّ كفارة يمين فالواجب كفارة يمين عَلى (1) الأقوال كلِّها. ولو قال: فعلَيَّ يمين أو فللَّه عليَّ يمين، فالظاهر أنه لغو، فإنه لم يأتِ بنذر ولا بصيغة اليمين، وليست اليمينُ مما يلزم في الذمة، وفيه وجه؛ أنه يلزمه كفارةُ يمين، إذا فعله، ويُجْعل اليمين التي هي سببُ الكفارةِ عبارةً عن المسبب، قال الإِمام -رحمه الله-: وعلى هذا، فالوجه أن يُجْعل كنايةً، ويرجع إلى نيته.
ولو قال: نذرت لله، لأفعلن كذا، فإن نوى اليمين، فهو يمين، وإنْ أطلق، ففيه وجهان، أوردهما الفورانيُّ وصاحبُ "التهذيب" وأجريا فيما لو قال (ازخداى يزيرختم) (2)، وينبغي أن يجعل هذا نَذْرًا، أو ينظر في الملتَزَم؛ أهو طاعةٌ أم لا؟ ويجري في كل قسم حكمه.
وعن الشيخ أبي محمد: أن صاحبَ الغَلَق، إذا ذكر أجناساً من القُرَب مثْل أن يقول: إن دخلْتُ الدار، فلله علي حَجٌّ وعتقٌ وصدقةٌ، فيحتمل أن يعدد ذلك الكفَّارة، إذا قلْنا تجب الكفَّارة، والظاهرُ الاتحاد، فإنا، إذا لم نوجب الوفاءَ، فلا نظر إلى الملتَزَم تعدَّد أو اتَّحَدَ.
وفي "التهذيب": أنه لو قال ابتداءً: للهِ عليَّ أن أدخل الدار اليوم، فالمذهب أنه يمين، وعليه كفارة اليمين إن لم يدخل، وكذا لو قال لامرأته: إن دخلتُ الدار، فلله عليَّ أن أطلقك، فهو كقوله: إن دخلتُ الدار فوالله لأطلقنَّك، حتَّى لو مات أحدهما قبل التطليق، يلزمه كفارة يمين، ولو قال: إن دخلتُ الدارَ، فلله عليَّ أن آكل الخبز، فدخل الدار، فالمذهب أن عليه كفارةَ اليمين، وفيه وجهٌ: أن ذلك لغْوٌ لا يجب به شيء، ولك أن تقول: الملتَزَمُ في هذه الصور فعلٌ مباحٌ، والصيغةُ صيغةُ نذرٍ، وسيأتي في "كتاب النذر" القولُ فيما إذا نَذَر مباحاً.
وإذا قال الرجل ابتداءً: مالِي صدقةٌ أو في سبيلِ اللهِ، فعن القاضي الحُسَيْن: أنه لغو؛ لأنه لم يَأْتِ بصيغة التزام، وهذا ما أورده صاحبُ الكتاب أظهر، وقال في "التتمة": إن كان المفهوم من اللفظ في عُرفْهم معنى النذر أو نواه، فهو كما لو قال: