لأنه حيوان نجس العين، والسؤر كالكلب، فهو أولى بالتغليظ؛ لأنه لا يجوز اقتناؤه بحال، والقديم: أنه لا يلحق به؛ لأن القياس يقتضي الاقتصار على المرة الواحدةِ، وإنما ورد التغليظ في الكلاب فطماً لهم عن عادة مخالطتها، ومنهم من قطع بإلحاق الخِنْزِيرِ بِالكَلْب، ولم يثبت القول القديم ذلك أن تعلم قوله "قولان" بالواو، وتشير إلى هذه الطريقة الثانية.
الثالثة: هل يقوم الصابون والأَشْنَانُ مقام التراب؟ فيه ثلاثة أقوال:
أظهرها: لا لظاهر الخبر؛ ولأنها طهارة متعلقة بالتراب (1)، فلا يقوم غيره مقامه كالتيمم.
والثاني: نعم كَالدِّبَاغ يقوم فيه غَيْرُ الشّب وَالقَرَظِ (2) مقامهما، وكالاسْتنْجَاءِ يقوم فيه غير الحِجَارَةِ مقامها.
الثالث: إن وجد التراب لم يعدل إلى غيره، وإن لم يجده جاز إقامة غيره مقامه للضرورة، ومنهم من قال: يجوز إقامة غير التراب مقامه فيما يفسد باستعمال التراب فيه، كالثياب، ولا يجوز فيما لا يفسد كالأواني.
الرابعة: لو اقتصَر على الماءِ، وزاد في عدد الغَسَلاَتِ على السَّبْعِ، هل يطهر؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا. لظاهر الخبر؛؟ ولأنه غلظ أمر هذه النجاسة بالجمع فيه بين جنسين، فلا يجوز الاقتصار على أحدهما، كَزِنَا البِكْرِ لَمَّا غِلُظَ أمره بالجمع بين الجلد وَالتَّغْرِيب، لا يقتصر على أحدهما.
والثاني: نعم؛ لأن المقصود التطهير، والماء أبلغ في التطهير من التراب، ثم منهم من رتب هذا الخلاف على أن الصابون والأشنان ونحوهما، هل تقوم مقام التراب أم لا؟ إن قلنا: لا، فكذلك الغَسْلَةُ الثَّامِنَةُ، وإن قلنا: نعم، فهاهنا وجهان؛ لأن ثَمّ استعان بشيء آخر سوى الماء، ومنهم من بَنَاهُ على الخلاف فيما إذا غمس الإناء الذي ولغ فيه الكلب في ماء كثير، هل يطهر أم لا يعتد بذلك إلا غسلة واحدة؟ ويجب غسله ستاً إحداهن بالتراب، فإن قلنا بالأول طهر بالغسلة الثامنة، وإن قلنا بالثاني فلا، وحكى القاضي الروياني في المسألة وجهاً ثالثاً: أن الغَسْلَةَ الثامنة تقوم مقام التراب عند عدمه، ولا تقوم مقامه عند وجوده، وزهو نظير القول الثالث في المسألة السابقة.