كِجَّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ طريقة أخرى أنه ما الأفضل، وفي قول: الأفضل التقديم، وفي قول: الأفضل التأخير، ففي قول: هما سواء.
وقال أبو حنيفة: السجود بعد السلام بكل حال، واختلفت الرواية عن أحمد، فروي عنه مثل القول الثاني، وروي مثل القول الأول، وروي أنه قبل السلام إلا في موضعين:
أحدهما: أن يسلم ساهياً وقد بقي عليه شيء من صلاته كالركعة ونحوها.
والثاني: أن يكون إماماً ويشك في عدد صلاته ويتحرى على أحد الروايتين لهم فإنه يسجد بعد السلام.
والرواية الثالثة: أظهر عند أصحابه.
وقد عرفت من هذه الاختلافات الحاجة إلى إعلام قوله: (قبل السلام) بالحاء والميم والألف والزَّاي.
التفريع إن قلنا يسجد قبل السَّلاَم، فلو سلم قبل أن يسجد لم يخل: إما أن يسلم عامداً ذاكراً للسهو أو يسلم ناسياً، فإن سلم عامداً ففيه وجهان:
أصحهما -وهو المذكور في الكتاب-: أنه فوت السجود على نفسه؛ لأن محل السجود قبل السَّلاَمِ وقد قطع الصَّلاةَ بالسلام.
والثاني: أنه كما لو سلم ناسياً إن طال الفَصْلُ ولم يسجد وإلا سجد كالنوافل التي تقضي لا فرق فيها بين العمد والنسيان (1) ولا خلاف في أنه وإن سجد لا يكون عائداً إلى الصَّلاة بخلاف ما لو سلم ناسياً وسجد ففيه خلاف سيأتي، فإن سلم ناسياً فينظر إن طال الزمان ففيه قولان:
"الجديد": وهو الذي ذكره في الكتاب؛ أنه لا يسجد؛ لفوات محله وتعذر البناء بطول الفصل كما لو ترك ركناً وتذكر بعد طول الفصل لا يبنى.
"والقديم": أنه يسجد؛ لأنه جبرانُ عِبَادَةٍ فيجوز أن يتراخى عنها كجبرانات الحَجِّ.
وعن مالك: أنه إذا ترك السجود ناسياً سجد متى تذكر ولو كان بعد شهر، ولهذا أعلم قوله: (فقد فات) بالميم مع القاف، وإن لم يطل الزمان بل تذكر على القرب فإن بدا له أن لا يسجد فذاك، والصلاة ماضية على الصِّحَّةِ وحصل التحلل بالسلام؛ لأنه لما لم يكن له رغبة في السجود عرفنا أنه وإن لم يعتره نسيان لكان يسلم ولا يسجد.