قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه صور أيضًا:
منها: كما أن بأكل أجناس مختلفة الأسماء والصفات والآثار، كذلك الأفعال أجناسٌ مختلفةٌ لا يتناول بعضها بعضًا؛ فالشرب ليس، وكذا العكس، فإذا حلف لا يشرب، فأكل طعامًا، لم يحنث، أو لا يأكل، فشرب ماءً أو غيره، لم يحنث.
واللبن والخل وسائر المائعات، إذا حلف ألا يأكلها، فأكلها بخبز، حنث، ولو شربها، لم يحنث، وإن حلف ألا يشربها، فالحكم على العكس، ولو حلف: لا يأكل سويقًا، فاستقه أو تناوله بالملعقة أو بإصبع مبلولة، حنث، ولو ماثه في الماء، فشرب، حنث.
ولو حلف، لا يشرب السويق، فالحكم بالعكس، ولو كان السويق خاثرًا بحيث يُؤخَذُ منه بالملاعق، فتحسَّاه، فقد ذُكِرَ فيه اختلافُ وجْهٍ، والأشبه أنه ليس بِشُرْب، ولو قال: لا أطعم أو لا أتناول، دخل في اليمين الأكل والشرب معًا.
وبمثله حكموا فيما إذا قال بالفارسية (نخورم) (1) على أنه يُفْرَق بينهما، فيُقال: (طعام نخورد) (2) و (شراب بازخورد) (3).
ومنها: إذا حلف لا يأكل السكر، انعقدت اليمين على عين السكر دون ما يُتَّخَذ منه، إلا إذا نوى، وكذا الحكم في العسل والتمر، ثم إن ابتلع السكر من غير مضغ، فقد أكله، كما لو ابتلع الخبز على هيئته، وإن مضغه، وازدرده ممضوغًا فكذلك، وإن وضعه في فمه، فذاب ونزل، ففيه وجهان:
أحدهما: يحنث، كما لو مضغه.
وأظهرهما: وهو المذكور في "التهذيب" "والتتمة": المنع لأنه لا يُسَمَّى ذلك أكلاً للسكر.
ومنها: إذا حلف ألا يأكل العنب أو الرمان، لم يحنث بأكل عصيرها وشربه، ولو امتصهما، ورمى بالتفل، فكذلك؛ لأنه ليس يأكل.
ومنها: لو حلف، لا يأكل السمن، فأكله، وهو جامد، حنث، وإن كان ذائبًا، فشربه، لم يحنث، وفي "شرح مختصر الجوينيِّ" فيه وجه ضعيف، وإن أكله بخبز، وهو جامد، أو ذائب حنث، وقال الإِصطخريُّ: لا يحنث؛ لأنه لم يأكله وحده، بل أكله مع غيره، وشبهه بما إذا قال: لا آكل مما اشتراه زيد قال: يأكل مما اشتراه زيد