وعمرو، وإن جعله في عصيدة أو سويق، فعن نص الشَّافعيِّ -رضي الله عنه-: أنه يحنث، وعنه فيما إذا حلف؛ لا يأكل خلاًّ؛ فأكل السكباج (1)، أنه لا يحنث.
فقال عامة الأصحاب: ليس ذلك باختلاف قول، ولكن إن كان السمن ظاهرًا في العصيدة والسويق؛ يُرَى جرمه، فيحنث، إذا أكله، وهذه الحالة هي التي أرادها بنصه في السمن، وكذا الحكم في الخل، إذا كان ظاهرًا بلونه وطعمه؛ بان أكل المرقة، وهي حامضة. وإن كان السمن مستهلكًا في العصيدة، فأكلها، يحنث، وكذا الخل إذا كان مُسْتَهْلَكًا، وهذه الحالة هي التي أرادها بنصه في الخَلِّ.
فصور ذلك فيما إذا أكل لحم السِّكْبَاج أو ما كان فيه من السلق ونحوه، ومنهم من أثبت وجهين أو قولين؛ وعلى ذلك جرَى في الكتاب، ووجه المنع أن يُقَالَ: أكل العصيدة لا السمن، والسكباج لا الخل، ويجوز إعلام لفظ "الخلاف فيِ مسألة السمن" "والقولين في مسألة السكباج" بالواو.
ومنها: إذا حلف؛ لا يأكل أو لا يشرب، لم يحنث بالذوق بمجرده إن حلف: لا يذوق، فأكل أو شرب، حنث؛ لتضمنهما الذوق، وفيه وجه ضعيف.
وإن أدرك طعم الشيء بالمضغ والإِمساك في الفم، ثم مجه، ولم ينزل إلى حلقه، فهل يحنث؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، كما لا يفطر الصائم به.
وأصحُّهما: الحنث؛ لأن الذوق عبارةٌ عن إدراك الطعم، وقد حصل.
ولو حلف: لا يأكل ولا يشرب ولا يذوق، فأوجره في حلقه، حتى حصل في جوفه، لم يحنث. قال في "البيان": لو قال: لا أطعم كذا، ثم أوجره نفسه، حنث لأن معناه لا جعلته لي طعامًا.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الفاكِهَةِ حَنِثَ بِالْعِنَبِ (ح) وَالرُّمَّانِ (ح)، وَلاَ يَحْنَثُ بِالقِثَّاءِ، وَفِي البِطِّيخِ تَرَدُّدٌ، وَيحْنَثُ بِيَابِسِ الفَوَاكِهِ، وَفِي اللَّبُوبِ تَرَدُّدٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا حلف؛ لا يأكل الفاكهة، حنث بأكل العنب والرطب والرمان؛ لوقوع اسم الفاكهة عليها، والعطف في قوله تعالَى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} الرحمن: 68 لتخصيصهما وتمييزهما كما في قوله تعالَى: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} البقرة: 98 وقال أبو حنيفة: لا يحنث بها، ويحنث أيضًا بأكل التفاح