وقوله: "فاتخذ منه الناطف قد لا تُسْتَحْسَنُ هذه اللفظة، وإن كان المقصود معلومًا؛ لأن الناطف لا يتُخَّذ من البيض، بل منه ومن غيره، بل من غيره، ويُجْعَلُ البيض فيه، وقوله: "فأكل منه" هذا لا يكفي لحصول البِرِّ، بل ينبغي أن يأكله كلَّه.
فُرُوعٌ: يتعلَّق بهذا النوع، نذكر مقصودها على الإِيجاز: الرُّطَب ليس بثمر والعنب ليس بزبيب، وعصير التمر ليس بتمر، وكذا دبسه والسمسم ليس بشيرج، وكذا العكوس، والرطب ليس ببسر ولا بلح، والبسر ليس برطب ولا بلح، والبسر أعظم من البلح. ولو حلف؛ لا يأكل الرطب، فأكل المنصف، نُظِرَ؛ إن كان النصف الذي أرطب حنث، وكذا لو كل الجميع، خلافًا للإِصطخريِّ، وأبي علي الطبرِّي -رحمهما الله- وإن أكل النصف الذي لم يرطب، لم يحنث.
ولو حلف؛ لا يأكل البسر، فأكل المنصف، ففيه هذا التفصيل، والحكم على العكس. وان حلف؛ لا يأكل بسرة ولا رطبة، فأكل منصفة لم يحنث.
ولو حلف؛ لا يأكل طعامًا؛ تناول اللفظ القوت والأدم والفاكهة والحلوى، وفي الدواء (1) وجهان:
ولو حلف؛ لا يأكل قوتًا، حنث بأكل ما يقتات من الحبوب، ويحنث بأكل التمر والزبيب واللحم، إن كان ممن يقتاتها، وفي غيرهم وجهان.
ولو حلف لا يأكل إدامًا، حنث بأكل ما يُؤتَدَمُ به، سواء كان مما يُصْطَبَغُ به؛ كالخل والدبس والشيرج والسمن والمربى، أو لا يُصْطبَغُ به؛ كاللحم والجبن والبقول والبصل والفجل والثمار.
وفي التمر وجْه، والملح أيضًا أدم، وفيه وجه، وعند أبي حنيفة، لا يحنث إلا بما يُصْطَبَغُ به واسم الماء يتناول العذب والملح ومياه الآبار، والأنهار، وعن الشيخ أبي حامد: في ماء البحر احتمالان، والظاهر: التناول، ولو حلف؛ لا يشرب الماء، لا يحنث بأكل الجمد والثلج، ويحنث إذا شرب من مائيهما، ولو حلف لا يأكل الجمد والثلج، لم يحنث بشرب مائهما، والثلج ليس بجمد، وكذا العكس، ولو حلف؛ لا يأكل مما طبخه فلان، فالاعتبار بالإيقاد إلى الإِدراك، بوضع القِدْر في التنوُّر بعد التسجير، فإن أوقد فلانٌ النار تَحْت القِدْرِ حتى أدرك، أو وضع القِدْر في التَّنُّور، فأكل منه، حنث، سواء وجد نَصْب القدر وتقطيع اللحم وصب الماء عليه وجمع التوابل وتسجير التنور منه أو من غيره.