أطلقوه، ويجاب به كما فَعَلْنَا في الفصل، قبل هذا الفَصْلِ.
ولو قال: لا أكلِّم عبدًا اشتراه زَيْدٌ، لا يحنث يتكلُّم عبدٍ اشتراه له وكيلُهُ وبمثله أجاب في الكِتاب، فيما إذا قال: لا أكلِّم امرأة تزوَّجها زيْدٌ، فكلَّم امرأة قِبَلَ نكاحَها لزيدٍ وكيلُهُ، لكن هذا مبنى على جوابه فيما إذا قال: لا أتزوج، فَقبِلَ وكيلُه نكاحَ امرأةٍ له أنه لا يحنث، فإن قلْنا: يحنث فكذلك يحنث هاهنا.
ولو قال: لا أكلم زوجةَ زيدٍ، حنث بتكلُّم التي نكحها بنفسه، والتي قَبِلَ نكاحَها وكيلُهُ بلا خلاف
ولْيُعْلَمْ؛ لما بيَّنَّا قولُه في الصورة الأولَى من الكتاب "لم يحنث" بالميم والواو، لما حكَيْنا عن الربيع.
وقوله "ولا أتزوج" بالواو وبالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة في النكاح والطلاق والضرب، يحنث، إذا أمر غيره ففَعَل، وساعدنا في البيع والشراء.
قوله "وكذا لو قال الأمير" يُعلم بالواو.
ويجوز أن يُعْلَمَ قوله "لم يحنث، فيما إذا أضافه" بالواو.
وكذا قوله "وكذا في امرأة تزوجها".
واعلم أن صور الفَصْل جميعًا مفروضةٌ فيما إذا أطلق، ولم يَنْوِ شيئًا، أما إذا نوى ألا يفعل، ولا يفعل بإذنه، أو لا يفعل، ولا يأمر به، حنث، إذا أمر به غيره، هكذا أطلقوه مع قولهم: إن اللفظ لفعْلِ نفسه حقيقةٌ، واستعماله في المعنَى الآخر يجوز، وذلك استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز جميعًا، وهو مستبعد عنْد أهل الأصول وأحسن من هذا أن يوجد معنًى مشتركٌ بين الحقيقة والمجاز، فيُقَالُ: إذا نوى ألا يسعى في تحقيق ذلك الفعْل، حنث بمباشرته، وبالأمر به؛ لشمول لمعنى وإرادة هذا المعنى إرادة المجاز وحده (1).
فروع: إذا حلف لا يَحْلِقُ رأسه، فأمر غيره بحلقه، ففيه طريقان:
أحدهما: أنه كما لو قال: لا أبيع، فأمر غيره بالبيع، ففيه الخلاف (2).
والثاني: القطْعُ بأنه يحَّنث؛ لاطراد العُرْف في الحلف بذلك، ولو حلف لا يبيع