يسجد لقراءة نفسه، بل يكره له قراءة آية السجدة، ولا يسجد لقراءة غير الإمام بل يكره له الإصغاء إليها، ولو سجد لقراءة نفسه أو لقراءة غيره بطلت صلاته.
وقوله في الكتاب: (هي على القارئ والمستمع) ليس (على) هاهنا للإيجاب، وإنما المراد تأكد الاستحباب وكثيراً ما يتكرر ذلك في كلام الأصحاب في هذه السجدة وسجدة السهو، والمراد ما ذكرنا، وقد يستعملون لفظ الوجوب واللزوم أيضاً.
وقوله: (فإن سجد القارئ تأكد الأستحباب على المستمع) إشارة إلى أن أصل الاستحباب ثابت وإن لم يسجد القارئ جواباً على الأظهر المنصوص، ويجوز أن يعلم بالواو؛ لأن من قال: لا يسن للمستمع السجود إلا إذا سجد القارئ لا يقول بتأكد الاستحباب عند عدم سجوده، وإنما يثبته عنده.
وقوله: (ولا يسجد لقراءة نفسه ولا لقراءة غير الإمام) هكذا هو في بعض النسخ، وهو عبارة "الوسيط" وعلى هذا فالمراد ولا يسجد المأموم وهو متعلق بقوله: (أو لقراءة إمامه إن سجد إمامه) ولفظ الكتاب على هذا التقدير ساكت عن حكم الإمام، ولا بأس به للعلم بأن الإمام كالمنفرد في هذا الباب وأمثاله، وفي بعض النسخ: "ولا يسجد لقراءة غير الإمام" وطرح ما سواه، وعلى هذا فالمفهوم من سياق الكلام رجوعه إلى المأموم أيضاً، وسبب الطرح أنا إذا قلنا: ولا يسجد لقراءة غير الإمام دخل فيه نفسه أيضاً، وذكر بعضهم أن المصنف أراد: ولا يسجد المصلي لقراءة غير الإمام.
واعلم قوله: (ولا يسجد) بالحاء على هذا التأويل؛ لأنا نعني بقولنا: لا يسجد: أنه لا يجوز له السجود ولو فعله بطلت صلاته.
وعند أبي حنيفة: لو سجد الإمام والمقتدون لقراءة غيرهم لم تبطل صلاتهم وإن كان لا يجزئهم ذلك، ويسجدون بعد الصلاة، ذكره القدوري وغيره.
الرابعة: لو قرأ آيات السجدة في مكان واحدٍ سجد لكل واحدة سجدة، ولو كرر الآية الواحدة في المجلس الواحد فينظر إن لم يسجد للمرَّة الأولى فيكفيه سجود واحد، وإن سجد للأولى فوجهان:
أحدهما: لا يسنجد مرة أخرى، وتكفيه الأولى كما في الصورة السابقة، وبه قال أبو حنيفة وابن سريج.
وأظهرهما: أنه يستحب مرة أخرى لتجدد السبب بعد توفية حكم الأول، وفي المسألة وجه ثالث أنه إن طال الفصل سجد مرة أخرى، إلا فتكفيه السجدة الأولى.
قال في "العدة" وعليه الفتوى.
ولو كرر الآية الواحدة في الصَّلاَةَ فإن كان في الركعة الواحدة فهي كالمجلس