. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .= القدر ولو لم يكن فتوى، لئلا يكون آخذاً زيادة بسبب الإفتاء. قال الصيمري والخطيب وغيرهما: ولو اجتمع أهل البلد على أن جعلوا له رزقاً من أموالهم ليتفرغ لفتاويهم، جاز. وأما الهدية، فقال أبو المظفر السمعاني من أصحابنا: ويجوز له قبولها بخلاف الحاكم؛ لأنه يلزمه حكمه قال الشيخ أبو عمرو: وينبغي أن يحرم قبولها إن كانت رشوة على أن يفتيه بما يريد، كما في الحاكم وسائر ما لا يقابل بالأعراض. قال الخطيب: وعلى الإِمام أن يفرض من بيت المال لمن نصب نفسه لتدريس العلم أو للفتوى في الأحكام ما يغنيه عن التكسب، ولا يجوز أن يفتي فيما يتعلق بالألفاظ كالأيمان والإِقرار والوصايا ونحوها، إلا إذا كان من أهل بلد اللافظ أو نازلاً منزلتهم في الخبرة بمرادهم في العادة، وليس للمفتي والعامل على مذهب الإِمام الشَّافعي في المسألة ذات الوجهين أو القولين أن يفتي أو يعمل بما شاء منهما من غير نظر وهذا لا خلاف فيه، بل عليه في القولين أن يعمل بالمتأخر منهما إن علمه، وإلا فبالذي رجحه الشافعي، فإن لم يكن رجح أحدهما ولا علم السابق، لزمه البحث عن أرجحهما، فيعمل به، فإن كان أهلاً للترجيح، اشتغل به متعرفاً ذلك من نصوص الشافعي، ومآخذه وقواعده، وإلا فلينقله عن الأصحاب الموصوفين بهذه الصفة، فإن لم يحصل له ترجيح بطريق، توقف. وأما الوجهان فيتعرف أرجحهما بما سبق إلا أنه لا اعتبار بالتأخر إلا إذا وقعا من شخص واحد، وإذا كان أحدهما منصوصاً للشافعي، والآخر مخرجاً، فالمنصوص هو الراجح المعمول به غالباً، كما إذا رجح الشافعي في أحد القولين، بل هذا أولى. ولو وجد من ليس أهلاً للترجيح خلافاً للأصحاب في الأرجح من القولين أو الوجهين، فليعتمد ما صححه الأكثر، والأعلم والأورع، فإن تعارض أعلم وأورع، قدم الأعلم، فإن لم يبلغه عن أحد ترجيح، اعتبر صفات الناقلين للقولين، والقائلين للوجهين فما رواه البويطي والمزني والربغ المرادي مقدم عند أصحابنا على ما رواها الربيع الجيزي وحرملة، كذا نقله الخطابي من أصحابنا عن أصحابنا، إلا أنه لم يذكر البويطي، وزدته أنا لكونه أجل من الربيع، وأقدم من المزني، وأخص بالشافعي منه. قال الشيخ أبو عمرو: ويترجح أيضاً ما وافق أكثر أئمة المذاهب. وحكى القاضي حسين فيما إذا كان للشافعي قولان، أحدهما كقول أبي حنيفة رضي الله عنه وجهين، قال الشيخ أبو حامد المخالف لأبي حنيفة رضي الله عنه أرجح، فلو لم يطلع الشافعي على معنى مخالف لما خالفه، والصحيح أن الموافق أولى، وبه قال القفال، وهذا إذا لم نجد مرجحاً مما سبق. ولو تعارض جزم مصنفين، فهو كتعارض الوجهين، فيرجع إلى البحث كما سبق، ويرجح أيضاً بالكثرة، فإذا جزم مصنفان بشيء، وجزم ثالث مساوٍ لأحدهما بخلافهما، رجحناهما عليه. واعلم أن نقل أصحابنا العراقيين لنصوص الشافعي وقواعد مذهبه، ووجوه المتقدمين من أصحابنا أتقن وأثبت من نقل أصحابنا الخراسانيين غالباً إن لم يكن دائماً وهذا مما يتعلق بما نحن فيه. ومما ينبغي أن يرجح به أحد القولين أن يكون الشافعي رحمه الله ذكره في بابه ومظنته، والآخر جاء مستطرداً في باب آخر. واعلم أن هذا الكتاب الذي اختصرته وهذبته محصل لك جميع ما ذكرته ولا أقول هذا تبجحاً بل نصيحة للمسلمين ومناصحة للدين، وهما واجبان عليّ وعلى سائر المكلفين. واعلم أنه يكره للمفتي أن يقتصر في جوابه على قوله: فيه قولان، أو وجهان، أو خلاف ونحو ذلك، فإن هذا ليس جواباً صحيحاً للمستفتي، ولا يحصل به مقصوده، وهو بيان ما يعمل به لما =