لعمله على بقية الحوادث، وحكى وجهين فيما لو قال: لا تقضِ فيهما بالقصاص: أنه يلغو، أو يكون منعاً له من الحكم بالقصاص نفياً وإثباتاً.
الثالث: حيث لا يجوز الاستخلاف، فلو استخلف، فحكم الخليفة باطل، نعم، لو ترافع إليه الخصمان ورضيا بحكمه، فيكون كالحكم، وليس للقاضي إنفاذ حكمه، بل يستأنف الحكم بين الخصمين، وعن أبي حنيفة فيما حكاه صاحب "التلخيص": إذا أنفذ القاضي حكمه، نفذ وإذا جاز الاستخلاف، فلو استخلف من لا يصلح للقضاء، فحكمه باطل أيضاً، ولا يجوز إنفاذه.
قَالَ الغَزَالِيُّ: الرَّابِعَةُ: لَوْ نُصَّبَ فِي البَلَدِ قَاضيَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَخْتَصُّ بِطَرَفٍ جَازَ، وَإِنْ شَرَطَ اتَّفَاقَهُمَا فِي كُلِّ حُكْمٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَثْبَتَ الاسْتِقْلاَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فَوَجْهَانِ، ثُمَّ إِذَا تَنَازَعَ الخَصْمَانِ فِي الاخْتِيَارِ أَوْ ازْدَحَمَ مُتَدَاعِيَانِ فَالْقُرْعَةُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا نصب الإِمام قاضيين في بلد واحد، نُظِرَ؛ إن خصص كل واحد منهما بطرف من البلد، أو عين لكل واحد منهما زماناً، أو جعل أحدهما قاضياً في الأموال والآخر في الدماء والفروج، جاز قال القاضي ابن كج: وكذا لو ولاَّهما على أن يَحْكُم كلُّ واحدٍ منهما في الواقعة التي يرفعها إليه المتخاصمان، وإن عمم ولايتهما مكاناً وزماناً وحادثة، فإن شرط عليهما الاجتماع في الحكم، لم يجز؛ لأن الخلاف في مواقع الاجتهاد مما يكثر، فتنفى الخصومات عن مقصوده.
وإن أثبت لكل واحد منهما الاستقلال، فوجهان:
أحدهما: لا يجوز، كما في الولاية العظْمَى ولأن الخصمين يتنازعان في اختيارهما، وفي إجابة داعيهما. وليس أحدهما بأولَى من الآخر بخلاف الإِمام مع القاضي، والقاضي مع الغائب، فعلى هذا إن ولاهما معاً، بطلت توليتهما. وإن ولى على التعاقب، صحَّت تولية الأول، وأصحُّهما الجواز، كنصب الوكيلين والوصيين، فعلى هذا يُجابُ من سبق داعيه، فإن جاءا معاً، حكمت القرعة، وإذا تنازعا في اختيار القاضيين، أطلق في الكتاب أنه يحكم بالقرعة.
وقال القاضي الماوَرْدِيُّ: القول قول الطالب دون المطلوب، فإن تساويا، حَضَرَا عنْد أقرب القاضيين إليهما، فإن استويا في القرب، ففي أحد الوجهين يقرع، وهو الأظهر، وفي الآخر، يُمنعَان من التخاصم، حتى يتفقا على أحدهما، وإن أطلق، نصب اثنين، ولم يشترط عليهما الاجْتِمَاعَ، ولا صرح بالاستقلال، فعن صاحب "التقريب" يحمل على إثبات الاستقلال (1)، تنزيلاً للمُطْلَق على ما يجوز، وعن غيره: أنَّ التولية