وقوله في الكتاب "طولب بإِحضاره بعد قيام الحجة على الصفة" هذا التقييد غيرُ مساعدٍ عليه، بل الحجة على الصفة، والحالةُ هذه، غير مسموعة، وإنما تسمع عَلَى عينه على ما في "فتاوى" القَفَّال، وقد صرَّح بعض من دَرَس على الإِمام بأنه يلزم المدَّعَى عليه الإِحضارُ قبل تمام البينة، كما يلزمه الحضور بنَفْسِه.
وقوله "وإن حلف أنه ليس في يده هَذَا العبدُ الموصوفُ" إِلى قوله: "فإِن ذلك يثبت بالشهادة على الصفة" قد يفهم منْه أن دعوى العين، إِذا لم تمش، بطَلَت دعواه بالكلية، فالجزم إِذا عرف أن المدعى علَيْه لا يبالي باليمين، ولم يكن له يمينه أن يدعي القيمة من الابتداء، لكنَّا بيَّنَّا أنَّه، إِذا انقطعت دعْوَى العَيْن، كان له أن يدَّعِيَ القيمة، ولا يسقط طلبه بالكلية، فليكنْ معنى الكلام أنَّه إذا لم يجد بينة، وعرف أن الخصم يحلف، فلا فائدة في دعْوَى اليمين (1) فليعرض عنْها، وليدع القيمة.
وقوله "فإن القيمة تثبت بالشهادة على الصفة" إِن كان المراد منْه أنه إِذا شهد الشهود على أنه غصب منه عبداً مثلاً بصفةِ كَيْتَ وكَيْتَ، ثم فرض تلف العبد، يستحق المشهود له بتلك الشهادة قيمتَهُ عَلَى تلك الصفة (2)، فهذا صحيحٌ، وقد حكاه صاحب "العدة" ولكن طلب القيمة من غير أنْ يعلم موته، فيه إِشكالٌ علَى ما مرَّ.
فَرْعٌ: لو كان الخصمُ حاضراً، والمدَّعِي ببلدة أخرَى، فقياس ما في الفصل السابق أنَّا، إِن قلْنا: تسمع البينة بالمال الغائب، فيحكم به القاضِي عليه، وِإن لم نجور إلا السماع فإِذا سمع البينة أمر بنقل المدعَي إلى مجلسه، ليشهد الشهودُ عَلَى عينه، كما يفعله القاضِي المكتوبُ إِلَيْه عند غَيْبَة الخَصْم والله أعلم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَرْعٌ: لَوْ أَحْضَرَ العَبْدَ الغَائِبَ فَلَمْ يَثْبُتُ مِلْكُ المُدَّعِي فَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الإِحْضَارِ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ وَلاَ يُغْرَّمُ مَنْفَعَةَ العَبْدِ الَّتِى تَعَطَّلتْ كَمَا لاَ يُغَرَّمُ مَنْفَعَةَ المَحْكُومِ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ هَذَا لِلحَاجَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: ذكرنا أَن المُدَّعِي، إِن كان في البلد يُكلَّف المدعَى عليه إِحضاره، وإن كان غائباً عن البلد يبعثه القاضي المكتوب إِليه على يدَى المدَّعِي، ولم يقل: إنه يكلف المدعي عليه الإحضار، كان الفرق بُعْد الشقة وكثرة المشقة كما يكلِّف الحضور هناك، ولا يكلف هاهنا، إذا عرف ذلك، فحيث يؤمر المُدَّعِي بالاِحضار، قال في التهذيب: إن ثبت أنه للمدعي فمؤنة الإِحضار عليه، وإلا، فعلى المدَّعِي مؤنة الإِحضار