لبطلانه بالعزل، بل يجب الاستعادة (1)، ولو خرج من محلِّ ولايته، ثم عاد فوجهان:
أحدهما: أن الجواب كذلك؛ لعروض ما يمنع الحكم.
وأظهرهما: أن له أنْ يحكم به، ولا حاجةَ إِلَى الاستعادة؛ لأن ولايته باقيةٌ، وإنَّما فقد شرط نفوذ الحكم، ولهذا إِذا عاد، لم يحتج إِلَى توليةٍ جديدةٍ، وهذا الفرع لا اخْتِصَاص له بالقضاء علَى الغائب.
ولو سمع القاضي الشهادةَ عَلَى الغائِبِ وقدَّم الغائب قبل أن يحكم، لم تجب الاستعادة، ولكنه يخير به ويمكَّن من الجرح، ولو قدم الغائب بعد الحكْم، فهو على حجته في إِقامة البينة على القضاء والإِبراء، وفي القدح في الشهود، ولكن لا بدّ وأن يُؤَرِّخَ الجارح فسقه بيوم الشهادة؛ لأنه إِذا أطلق، أمْكَنَ حدوثه بعْدَ الحكم، وبلوغ الصبي بَعْدَ سماع البينة علَيْه أو بعد الحكم كقُدُوم الغائب.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّالِثُ: المُخَدَّرَةُ لاَ تحْضُرُ مَجْلِسَ الحُكْمِ للِتَّحْلِيفَ بَلْ يَبعَثُ إلَيْهَا القَاضِي مَنْ يُحَلِّفُهَا، وَفِيهِ وَجهْ آخَرُ يُلْزِمُهَا الحُضُورَ، وَقِيلَ المُخَدَّرَةُ هِيَ الَّتي لاَ تَخْرُجُ أَصْلاً إِلاَّ لِلضَّرُورَة، وَقِيلَ: هِيَ الَّتي لاَ تَخْرُجُ إِلَى الحَمَّامِ وَإِلَى العَزَاءِ وَالزِّيَارَاتِ إلاَّ نَادِراً.
قَالَ الرَّافِعيُّ: المرأة المخدَّرة، هل تُكلَّف حضُورَ مجلِس الحكْمِ؟ فيه وجهان:
أحدهما: ويحكى عن القفَّال: نعم، كسائر الناس ولا اعتبار بالتخْدِير، ولهذا لو حضر يشهدون على امرأة، فقالوا: نشْهَدُ عَلَى عينها، ولا نعرف نسبها، فإن القاضي يأمرها بكَشْفِ الوجه، ومعلومٌ أن هذا أعظم علَيْها من مجرَّد الخروج وعلى هذا؛ لو حضر القاضي دارها؛ ليحكم بينها وبين خصمها أو بعث من يحكم، كان للخَصْم أن يمنع من دخول دارها، ويطلب إِخراجها.
وأظهرهما: وبه قال أبو حنيفة: أنها لا تكلَّف الحضور؛ كالمريض، وسبيل القاضي في حقّها كما سبق في المريض، واستشهدوا لهذا الوجْهِ بقوله -صلى الله عليه وسلم- في قصة العَسِيفِ "واغْدُ يا أُنَيْس عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإنَ اعْتَرَفَتْ، فَأرْجُمْهَا" (2) بعث إِليها، ولم يحضرها، وعلى هذا؛ قال في "الشامل": إِذا حضر دارها من بعثه القاضي، تكلَّمت من وراء الستر، إِن اعترف الخصم بأنها خصمه أو شهد اثنان من محارمها؛ أنها هي التي ادَّعَى علَيْها، وإلاَّ تلفَّقت بإزار، وخرجت من السِّتْرَ وَمِنَ المخدرة لا شك أن التي لا