الآخرِ ستُّمائةٍ، فطلب صاحب أحدهما القسْمَةَ، ليخلُصَ الخسيس (1) لأحدهما، وهذه الصورةُ هي التي ذكرَها صاحِبُ الكتاب في الأثر، وقد أدْرَجْناها في الفَصْل السَّابِق، وحاصِلُ ما فيها طريقانِ، كما في الكتاب:
أحدهما: القطْع بأنَّه لا إجْبَار.
وثانيهما: أنَّه على الخلافِ في قسْمة التَّعْديل، لكنَّ إطلاق القْولِ بالترْجِيح بعيدٌ؛ لأنه لا ردَّ في تلْكَ الصُّورة، ولا تصرُّف إلا في المشتَرَكِ بخلاف ما نَحْنُ فيه، ولو لَمْ يكن ردٌّ، ونزل ما فيه الفصْل على الإِشَاعَةِ، فالصورةُ كالصّورة، وكذلك قال بعضْ المتلقَّين عن الإِمام: لا يجري الإِجبارُ في قدْر الردِّ، والمثل في الباقي إلى المَنْع، فأشار إلَى تخصيصِ الخِلاَف بما وراء قدْرِ الرَّدِّ، وإذا حَصَل التَّراضِي عَلَى قسْمة الرَّدِّ، فيجوز أن يتَّفِقا عَلَى مَنْ يأخُذ النَّفِيس، ويَرُدُّ ويجوز أن يُحَكَّمَا القُرْعة، ليرُدَّ من خرج له النَّفِيسُ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: ثُمَّ قِسْمَةُ المتَشَابِهَاتِ بَيْعٌ أَوْ إفْرَازُ حَقَّ فِيهِ قَوْلاَنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ قِسْمَةَ التَّعْدِيلَ بَيْعٌ، وَقِيلَ قَوْلاَنِ، ثُمَّ بَجِبُ الرِّضَا حَيْثُ لاَ يُجْبَرُ، وَيَكفِي قَوْلُهُ: رُضِيتُ بَعْدَ خُرُوجِ القُرْعَةِ، وَالرِّضَا قَبْلَهُ هَلْ يَكْفِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَلاَ يَكْفِي مُجَرَّدُ قَوْلهِ رَضِيتُ مَا لَمْ يَقُلْ: رَضِيتُ بِالقِسْمَةِ أَوْ قَاسَمْتُ إِنْ قُلْنَا إنَّهُ بَيْعُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصل قاعدتان:
إحداهما: قسمة المتشابهات إفرازُ حقٍّ أو بيع؟ فيه قولان:
أحدُهما: وبه قال أحمد: أنها إفرازُ حقٍّ؛ لأنَّها لو كانَتْ بيعاً، لَمَا دخَلَها الإِجْبَار، وفي الإِجْبَارِ الاعتمادُ على القُرْعة، ومعنى قولِنا: "إفراز" أن القسمة تبيِّن أن ما خرج لكلِّ واحدٍ منْهما هو الذي ملَكَه.
والثاني: أنَّهَا بَيْع؛ لأنه ما مِنْ جزءٍ من المال إلاَّ، وكَانَ مشتركا بَيْنَهُما، فإذَا اقْتَسَمَا، فكأنَّهُ باعَ كُلُّ واحدٍ منْهما ما كان له في حصَّةِ صاحبه في بما في حصَّته، وما الأصحُّ من القولَينْ وما محلُّهما.
أمَّا الأصحُّ، فقدْ ذكر صاحبُ "التهذيب" وآخرون: أن الأصَحَّ كونُها بيعاً، واعتذر عن دخول الإِجْبَار فيها بالحاجَةِ الداعية إلَيْه، وذلك لا يُخْرِجُها عَنْ كونها بَيْعاً، كما أن الحاكِمَ يبِيعُ مال المدْيُون قهراً وإجباراً، وذكر صاحبُ الكتابِ في "باب الرهْن": أن