يوم كذا، مَجْلِسَ كذا، فَأَقَرَّتْ لفلان بكذا، وشهد عَدْلاَنِ أن المَرْأَةَ المُحْضَرَةَ يومئذ في ذلك المَكَانِ، كانت هذه، يَثْبُتُ الحَقُّ بالبَيِّنَتَيْنِ. أَلَيْسَ لو قَامَتْ بَيِّنَةٌ على أن فُلاَنَ بن فلان الفُلاَنِيَّ أقر بكذا، وقامت أُخْرَى على أنَّ هذا الحَاضِر، هو فلان بن فلان يَثْبُتُ الحق؟ فما الفَرْقُ بين (1) تعريف المَشْهُودِ عليه المُطْلَق باسم، ونَسَبٍ، وبين تَعْرِيفِهِ بِزَمَانٍ ومكان؟ وإذا اشْتَمَلَ التَّحَمُّلُ على هذه الفوائد، وَجَبَ أن يَجُوزَ مُطْلَقاً، ثم إن لم يعرض ما يُفِيدُ جَوَازَ الشَّهَادَةِ على العَيْنِ، أو على الاسْمِ، والنَّسَبِ، أو لم يَنْضَمَّ إليه ما يتم (2) به الإِثْبَاتُ، فَذَاكَ شَيْءٌ آخر.
وقوله في الكتاب: "ولا يجوز تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ على المَرْأَةِ المُتَنَقِّبَةِ، إلا أن تكشف وجهها، غير مُجْرى على ظَاهِرِهِ، بل لو عَرَفَهَا في النِّقَابِ، لم يفتقر إلى الكَشْفِ على ما مر (3) صرح به صاحب العِدَّةِ وغيره.
وقوله: "وتميزها عند الأَدَاءِ عن أَمْثَالِهَا"، لا يمكن أن يكون شَرْطاً في التَّحَمُّلِ، فإن الأَدَاءَ يَتَأَخَّرُ عن التَّحَمُّلِ، فكيف يَجُوزُ أن يُقَالَ: لا يجوز التَّحَمُّلُ ما لم يتميز عند الأداء؟ لكن المُرَادَ، أنه لا يَجُوزُ التَّحَمُّلُ، ما لم تكْشِفْ وَجْهَها، ليتمكن من التَّمْيِيزِ عند الأَدَاءِ، وما أَشْبَهَ ذلك.
وقوله: "فلا يشهد عليها" مُعَلَّمٌ بالواو، لما عَرَفْتَ.
وقوله: "ويجوز النَّظَرُ إليها لحاجة التَّحَمُّلِ"، يعني النَّظَرَ إليها، إلى وجهها.
وذكر الصميري: أنه لو نَظَرَ إلى أَكْثَرِ وَجْهِهَا، وسمع كَلاَمَهَا، جَازَ أيضاً. وفي لَفْظِ الكتاب، تَعْلِيلُ جَوَازِ النظر لِحَاجَةِ التَّحَمُّلٍ. لكن ذكرنا في أول النِّكَاح وَجْهَيْنِ، وإنما يَنْتَظِمُ ذلك على الوَجْهِ الآخَرِ، وأما عند خوْفِ الفِتْنَةِ، فيَحْرُمُ النَّظَرُ إلىَ وَجْهِهَا، بلا خِلاَفٍ. ويشبه أن يُقال: من يخاف الفِتْنَةَ، لا يَنْظُرُ لِلتَّحَمُّلِ؛ لأن في غَيْرِهِ غُنْيَةً عنه. فإن تَعَيَّنَ، فينظر وَيحْتَرِزُ.
المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذا قامت البَيِّنَةُ على عَيْنِ رَجُلٍ، وامْرَأَةٍ، بِحَقٍّ، وأراد المُدَّعِي أن يُسَجِّلَ له القَاضِي، فالتَّسْجِيلُ على العَيْنِ ممتنع، لكن يجوز أن يُسَجِّلَ بالحلية (4)، ولا