وفي النَّسَبِ من الأُمِّ وَجْهَانِ:
أحدهما: أنه لا يجوز الشَّهَادَةُ عليه بالسَّمَاعِ، لإِمْكَانِ رُؤْيَةِ الوِلاَدَةِ.
والثاني: يجوز، كما في جَانِبِ (1) الرَّجُلِ، وهذا أَصَحُّ عند صَاحِبِ الكتاب. وحُكِيَ في "الوسيط"، القَطْعُ به عن بعضهم. ثم ذكر الشَّافِعِىُّ -رضي الله عنه- والأصحاب -رضي الله عنهم- في صِفَةِ التَّسَامُع: أنه يَنْبَغِي أن يسمع الشَّاهِد المَشْهُود بِنَسَبِهِ؛ فيُنسب (2) إلى ذلك الرَّجُلِ، والقبيلة. وسمع الناس يَنْسِبُونَهُ إليه.
وهل يُعْتَبَرُ فيهما التَّكْرَارُ وامْتِدَادُ مُدَّةِ السَّمَاعِ؟
قال كثيرون: نعم، فَالظَّنُّ حينئذ يَتَأَكَّدُ، وبهذا أجاب القاسم الصَّيْمَرِيُّ، وقال آخرون: لا، بل لو سَمِعَ انْتِسَابَ الشَّخْصِ، وحضر جَمَاعَةٌ، لا يُرْتَابُ في صِدْقِهِمْ، فأخبروه (3) بِنَسَبِهِ، دُفْعَةً وَاحِدَةً، جَازَ له الشَّهَادَةُ. وهذا ما رأى القاضي ابْنُ كَجِّ القَطْعَ به، وهو جَوَابُ صاحب "التهذيب" في انْتِسَابِهِ نَفْسِهِ (4). وإذا قُلْنَا بالأول، فليست المُدَّةُ مَحْدُودَةً بسنة، ويعتبر مع انْتِسَابِ الشَّخْصِ، ونسبة الناس ألاَّ يعارضهما ما يورث التُّهْمَةَ والرِّيبَةَ. فلو كان المَنْسُوبُ إليه حَيَّاً، وأنكر، لم تَجُزِ الشَّهَادَةُ. وإن كان مَجْنُوناً، جازت الشَّهَادَةُ، كما لو كان مَيِّتاً.
وفيه وجه؛ لأنه قد يُفِيقُ، فَيُنْكِرُ.
وطَعْنُ مَنْ يَطْعَنُ مِنَ النَّاسِ في ذلك الانْتِسَابِ، والنَّسَبِ، هل يَمْنَعُ جَوَازَ الشهادة؟ فيه وجهان:
أَشْبَهَهُمَا، أنه يَمْنَعُ، لاخْتِلاَلِ الظَّنِّ.
وهل تجوز الشَّهَادَةُ في الوَلاَء، والعِتْقِ، والوَقْفِ، والزَّوجِيَّةِ بالتسامُع (5)، فيه