أحدهما: يَنْصَرِفُ؛ لأنه تَبَرَّأَ من المُدَّعى، وينتزع الحاكم المَالَ من يَدِهِ. فإن أقام المُدَّعِي بَيِّنَةً على الاسْتِحْقَاقِ فذاك، وإلا حفظه إلى أن يظهر مالكه.
وأصحهما: أنها لا تَنْصَرِفُ، ولا يُنْتَزَعُ المَالُ من يده؛ لأن الظَّاهِرَ أن ما في يده مِلْكُهُ، وما صَدَرَ عنه ليس بِمُزِيلٍ، ولم يظهر لغيره اسْتِحْقَاقاً، وعلى هذا؛ فإن أَقَرَّ بعد ذلك لِمُعَيَّنٍ قُبِلَ، وانْصَرَفَتِ الخصُومَةُ إلى ذلك المُعَيَّنِ، وإلا فيقيم (1) المدعي البَيِّنةَ عليه، أو يحلفه، وهل يمكن من أن يعود فيه لنفسه؟ ذكروا فيه وجهين (2).
وفي المسألة وَجهٌ ثالث، وهو أنه يُسَلّمُ المَال إلى المُدَّعِي؛ لأنه لا مُزَاحِمَ له في دَعْوَاهُ.
ولو قال في الجواب: نِصْفُهُ لي، والنِّصْفُ الآخر لا أدري لمن هو؟ ففي النصف الآخر الوجوه الثلاثة.
الحالة الثالثة: إذا أَضَافَهُ إلى مَعْلُومٍ، فالمُضَافُ إليه ضَرْبَانِ:
أحدهما: من يمتنع مُخَاصَمَتُهُ وتحليفه؛ كما إذا قال: هو وَقْفٌ على الفُقَرَاءِ، أو على مَسْجِدِ كذا، أو على ابني الطِّفْلِ، أو هو مِلْكٌ له، فالجَوَابُ في الكتاب: أن الخُصُومَةَ تَنْصَرِفُ عنه، ولا سَبِيلَ إلى تَحْلِيفِ الوَلِيِّ، ولا طِفْلِهِ، ولا يغني إلا البَيِّنة.
وكذلك ذكر الشيخ أبو الفَرَج، وقال: إذا قضى القَاضِي له بالبَيِّنَةِ، كتب صورة الحال في السِّجِلِّ، ليكون الطِّفْلُ علَى حُجَّتِهِ إذا بلغ.
وقال في "التهذيب": لو قال في الجواب: إنه لابنْي الطِّفْلِ، أو وَقْفٌ عليه، فلا تَسْقُطُ الدَّعْوَى بهذا، فإن أقام بَيِّنَةً أخذها، وإلا حَلَفَ المُدَّعَى عليه؛ أنه لا يَلْزَمُةِ تَسْلِيمُهَا إليه، إذا كان هو قَيِّمُ الطفل (3)
والضرب الثاني: مَنْ لا يمتنع مُخَاصَمَتُهُ، وتَحْلِيفُهُ، كما إذا أَضَافَ إلى شخص مُعَيّنٍ، فهو إما حَاضِرٌ في البلد، أو غَائِبٌ عنه.
القسم الأول: الحَاضِرُ في البلد فَيُرَاجَعُ، فان صدق المدعى عليه، انصرفت الخُصُومَةُ عنه إلى المُقِرِّ له، وإن كذّبه، ففيه ثلاثة أوجه على ما سبق ذِكْرُهَا في الإِقرار.
ففي وجه: يُتْرَكُ في يد المُدَّعَى عليه، وفي وجه -ينتزع (4) ويُحْفَظُ، إلى أن يظهر