والبينة، فإذا قُيِّدَ، كان أَوْلَى بالتقديم. ولو قال الخارج: هو مِلْكِي وَرِثْتُهُ من أبي، وقال الدَّاخِلُ: هو مِلْكِي اشْتَرَيتُهُ من أبيك، فكذلك الحكم.
ولو انعكست (1) الصورة؛ فقال الخارج: هو مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ منك، وأقام عليه بَيَّنةً، وأقام الداخل بَيِّنَةً على (2) أنَّه مِلْكُهُ، فالخارج أَوْلَى؛ لزيادة علم بينته (3) (4).
ولو قال كل واحد منهما (5) لصاحبه: اشتريته منك، وأَقَامَ عليه بَيّنَةً، وخَفِيَ التَّارِيخُ، فصَاحِبُ اليَدِ أَوْلَى. حكاه القاضي الرُّوياني وغيره.
وعن أبي حَنِيْفَةَ: مُسَاعَدَتُنَا في هذه الصُّورَةِ إذا عرف ذلك، ففي الصُّورَةِ الأولى وهي أن يُطْلق الخارج، ويقول الدَّاخِل: اشْتَرَيْتُهُ منك لا تُزَالُ يده قبل إِقَامَةِ البَيِّنَةِ.
وعن القاضي الحُسَيْنِ: أنها تُزَالُ، ويُؤْمَرُ بالتسليم إلى المُدَّعِي؛ لاعْتِرَافِهِ بأنه كان له، ثم يثبت ما يَدَّعِيهِ من الشراء. الظَّاهِرُ الأول؛ لأن البَيِّنَةَ إذا كانت حَاضِرَةً، فالتَّأَخُّرُ إلى إِقَامَتِهَا سهل. فلا مَعْنَى للانْتِزَاعِ، والرد.
نعم، لو زعم أن بَيِّنَتَهُ غائبة (6)؛ فلا يَتَوَقَّفُ، بل يُؤمَرُ في الحال بالتَّسلِيمِ، ثم إن أَثْبَتَ ما يدعيه، اسْتردّ، ويجري الخِلاَفُ فيما إذا ادَّعَى دَيْناً، فقال المدعى عليه: أَبْرَأَنِي، وأراد إِقَامَةَ البَيِّنَةِ، لا يُكَلَّفُ تَوْفِيَة الدَّيْنِ على قول الأكثرين. وعلى ما ذكر القاضي يُكَلَّفُ، إذا ثَبَتَ ما يقوله استردَّ (7) وهذا كما ذُكِرَ في أول كتاب الدعاوى: أنَّه لو قال: أَبْرَأَنِي، فَحَلَّفُوهُ، يَحْلِفُ قبل أن يُسْتَوْفَى.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّانِي: مَنْ أَقَرَّ لِغَيْرهِ بِمِلْكٍ لَمْ تُسْمَعْ بَعْدَ دَعْوَاهُ حَتَّى يَدَّعِيَ تَلَقِّيَ المِلْكِ مِنَ المُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ فَهَلْ يَحْتَاجُ بَعْدَهُ فِي الدَّعْوَى إلَى ذِكْرِ التَّلَقِّي مِنْهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَالأَجْنَبِيُّ لاَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ إِذِ البَيِّنَةُ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَلَهُ دَعْوَى المِلْكِ مُطْلَقاً.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: من أَقَرَّ بعَيْنٍ لإنسان، ثم ادَّعَاهَا، لم تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، إلا أن يذكر