أيضاً، ولم يُجِزِ الوَرَثَةُ إلا الثُّلُثُ. حُكِيَ في "التهذيب": أنه يُقْرَعُ بينهما؛ فان خَرَجَتْ للأول، رُقَّ الثَّانِي، والراجعان يُغرَّمَانِ قِيمَةَ الأَوَّلِ لِلْوَرَثَة؛ لإقرارهما بأنهما أتْلَفَاهُ عليهم. وإن خرجت للثاني، عُتِقَ، وَرُقَّ الأَوَّلُ، ولا غُرْمَ على الرَّاجعين؛ لأنهما لم يتلقياهُ (1)، إذ أرفقناه.
قال: وعندي يُعْتَقَ الثَّانِي بلا قُرْعَةٍ وعلى الراجعين قِيمَةُ الأَوَّلِ لِلْوَرَثَةِ؛ لأنا لو أَقْرَعْنَا فخرجت القُرْعَةُ للأول، وأرفقنا (2) الثاني، لم يذهب من التَّرِكَةِ شَيْءٌ في الوصية.
شهد أَحَدُ الشاهدين: أنه وَكَّلَهُ بكذا، والآخر أنه (3) فَوَّضَهُ إليه، أو سَلَّطَهُ عليه، تَثْبُتُ الوِكَالَةُ. ولو شهد أحدهما: أنه قال: وَكَّلْتُكَ بكذا، والآخر أنه أقر بوكالته لم يثبت. ولو شهد أحدهما: أنه وَكَّلَهُ بالبيع والآخر أنه وَكَّلَهُ بالبيع، وقَبْض الثَّمَن، يثبت البَيْعُ.
ادَّعى رَجُلٌ على رَجُلٍ: أنه اشْتَرَى منه هذا العَبْدَ، وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ، وأَعْتَقَهُ، وأقام عليه بَيِّنَةً. وادعى آخَرُ: أنه اشْتَرَاهُ، ونَقَدَ الثَّمَنَ، وأقام عليه بينة؛ فهما مُتَعَارِضَتَانِ.
وذِكْرُ العِتْقِ لا يقتضي تَرْجِيحاً.
وفيه وجه آخر (4): لأن العِتْقَ كالقَبْضِ. وعن نَصِّهِ في "الأم": أنه لو ادَّعى دَابَّةً في يَدِ غيره، وأقام بَيِّنَةً أنها له منذ عَشْرِ سنين، فنظر الحَاكِمُ في سِنِّ الدَّابَةِ، فإذا لها ثَلاَثُ سنين، لم تُقْبَلْ هذه البَيِّنَةُ؛ للعلم بأنها كاذبة (5).
وإن المسنّاة الحَائِلَةَ بين نَهْرِ شَخْصٍ، وأرض آخر في يَدِهِمَا كالجِدَارِ الحَائِلِ؛ لأن الأَوَّلَ يجمع بها المَاءَ في نَهْرِهِ، والثاني يمنع بها المَاءَ عن أَرْضِهِ. ادَّعَى مِائَةً دِرْهَمٍ على إِنْسَانٍ فقال: قضيت خمسين لم يكن مُقِرّاً بالمائة. وكذا لو قال: قَضَيْتُ منها خمسين (6)؛ لجواز (7) أن يَزِيدَ من المائة التي يَدَّعِيَها، وليس على غَيْرِ الخمسين.
اختلف الزَّوجَانِ في مَتَاعِ البيت، إن كان لأحدهما بَيِّنَةٌ قُضِيَ بها، وإن لم تكن بَيِّنَةٌ، فما اخْتَصَّ أحدهما باليدَ عليه حسّاً (8)، أو حُكْماً؛ بأن كان في مِلْكِهِ، فالقول قَوْلُهُ، مع يَمِينِهِ. وما كان في يَدِهِما حِسّاً، أو كان في البَيْتِ الذي يَسْكُنَانِهِ، فَلِكُلِّ واحد منهما تَحْلِيفُ الآخَرِ فيه، فإن حَلَفَا، جُعِلَ بينهما. وإن حَلَفَ أحدهما دون الآخَرِ،