إن الدَّار ليست في يدي، وإني غير حَائِلٍ، لم يلْتَفَتْ إليه.
وأنه لو بَاعَ دَاراً، ثم قَامَتْ بَيِّنَةُ (1) الحسبة، أن أبا البائع قد وَقَفَهَا، وهو يَمْلِكُهَا على ابنه البَائِع، وبعده على أَوْلاَدِهِ، ثم على المسَاكِين، انْتُزِعَتِ الدار من المشتري (2)، وُيرْجَعُ بالثمن على البائع.
والغَلَّةُ الحاصلة في حَيَاةِ البائع تُصْرَفُ إلى البائع إن كَذَّبَ نَفْسَهُ، وصدق الشهود. وإن أَصَرَّ على الإنكار (3)، الوَقْف لم يُصْرَفْ إليه، بل يُوقَفُ، فإذا مات صُرِفَ إلى أَقْرَبِ الناس إلى الوَاقِفِ. ولو ادعى البَائِعُ: أنه وقف، لم تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ.
والتقييد (4) بالبينة يُشعِرُ بأنه تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وله أن يُحَلِّفَ الخَصْمَ (5). وذكر العراقيون: أنه تُسْمَعُ بَيِّنتُهُ أيضاً، إذا لم يُصَرِّح بأنه ملكه، بل اقْتَصَرَ على البيع.
وفي "التجربة" للروياني: أنه لو بَاعَ شَيْئاً، ثم قال: بعته، وأنا لا أَمْلِكُهُ، ثم ملكته بالإرث (6) من فلان. فإن قال حين باع: أنه ملكه أي قال: إنه ملكي (7) لم تسمع دعواه، ولا بَيِّنَتُهُ. وإن لم يقل (8) ذلك، بل اقْتَصَرَ على قوله: بِعْتُكَ، سُمِعَتْ دعواه.
وإن لم تكن بَيِّنَتُهُ، حلف المُشْتَرِي: أنه باعه وهو يَمْلِكُهُ، قال: وقد نص -رضي الله عنه- في "الأم"، وغَلَّطَ من قال غيره، وكدا لو ادعى: أن المَبِيعَ وقف عليه.
سُئِلَ القاضي الحسين عن كَيْفِيَّةِ الشهادة على التَّحدِيدِ، فقال بالفَارِسيَّةِ: (نهفته دانم ادرا بكرمارت وقصها ونظارة ويناز أو يرون) (9) إلا عند الحاجة والضَّرُورَةِ.
وفي "فتاويه": أنه لو ادَّعَى عليه عشرة، فقال: لا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ هذا المَالِ اليوم، لا يُجْعَلْ مُقِرّاً به؛ لأن الأَقَارِيرَ لا تَثْبُتُ بالمفهوم. وإن بَيِّنَتَي المِلْكِ والوَقْفِ تَتَعَارَضَانِ كبينتي الملك.