الزَّوْجُ قبل الدخول. ثم إن قلنا: لا يَسْرِي فلو رجع السيد عن التَّدْبِيرِ فهل يسري حينئذ؟ قال أَكْثَرَهُمُ: لا -كما لو أعتق وهو معسر ثم أيسر.
وعن رواية الشيخ أَبِي مُحَمَّدٍ رِوَايَةُ وَجْهٍ: أَنَّهُ يُسرى؛ لأنَّ منع السِّرَايَةَ كان على توقع العتق لموجب التدبير، وقد بطل ذلك التوقع، وعلى هذا فيحكم بالسِّرَايَةِ عند ارْتِفَاعِ التَّدْبِيرِ أم بتبين استنادها إلى وقت الإعتاق؟ فيه وجهان.
الرَّابِعَةُ: إذا أعتق نصيبه، وقد ثبت حكم الاسْتيلاَدِ في نصيب الآخر بأن كان الآخر قد اسْتَوْلَدَهَا وهو مُعْسِرٌ، فهل يسري الإعتاق؟ حَكَى صَاحِبُ الْكِتَاب وَالإِمَامُ فيه اختلاف وجه، الأَصَحُّ: المنع؛ لأن السِّرَايَةَ تَتَضَمَّنُ النَّقْلَ، وأم الولد لا تقبل النقل من مالك إلى مالك، وقد يوجه الآخر: بأن الإعتاق وسِرَايَتَهُ ينزل مَنْزِلَةَ الإِتْلاَفِ وَإِتْلاَفُ أم الولد يوجب القِيمَةَ.
ولو اسْتَوْلَدَهَا أحدهما، وهو معسر ووقف الاسْتِيلاَدُ ثم اسْتَوْلَدَهَا الثاني أيضاً، وثبت حكم الاسْتِيلاَدِ في نصيبه، ثم أعتقها أَحَدَهُمَا وهو مُوسِرٌ ففي السِّرَايَةِ ما ذكرنا، فإذا جعلنا هذه الأمور مانعة من السِّرَايَةِ انْتَظَمَ أن يُقَالَ: شرط السِّرَايَةِ ألا يَتَعَلَّقَ بِمَحَلِّهَا حَقٌّ لازم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: (الرَّابعُ): أن يَتَمَكَّنَ العِتْقُ مِنْ نَصِيبِهِ أَوَّلاً، فَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُ نَصِيبَ شَرِيكِي لَغَا قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُ نِصْفَ هَذَا العَبْدِ فَيُعْتَقُ جَمِيعُ نِصْفِهِ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: بِعْتُ هَذَا العَبْدَ فَيُنْزَلُ عَلَى نِصْفٍ شَائِعٍ لِيَبْطُلَ فِي البَعْضِ أَوْ يُخَصَّصُ بِنَصِيبِهِ فِيهِ وَجْهَانِ، وَكَذَا فِي الإِقْرَارِ، وَالأَوْلَى تَخْصِيصُ البَيْعِ بِنَصِيبِهِ وَإِشَاعَةُ الإِقْرَارِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُشْتَرَطُ في السِّرَايَةِ: أن يوجه المُعْتِقُ الإعْتَاقَ على ما يملكه من العبد؛ ليتمكن العتق في نصيبه أولاً ثم يسري وذلك بأن يَقُولَ: أعتقت نصيبي من هذا العبد، أو النِّصْفَ الذي أَمْلِكُهُ، فلو قال: أَعْتَقْتُ نصيبَ شريكي، أو نصيبُ شريكي من هذا العبد حر، فهو (1) لَغْوٌ لا يؤثر في نصيب الشريك، ولا في نصيبه، وإن أَطْلَقَ وقال للعبد وهو يَمْلِكُ نصفه: أَعْتَقْتُ نِصْفَكَ، فعلام يحمل؟ -فيه وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: على النصف الذي يملكه، فإن الإنسان إنما يَعْتِقُ ما يملكه.
والثَّانِي: أَنَّهُ يَجْرِي اللَّفْظُ على إطلاقه ويُحْمَلُ على النصف شائعاً؛ لأنه لا