بأنه أعتق نصيبه وهما مُوسِرَان فإن أُرِّخَتِ البَيِّنَتَانِ عتق الكل على الأول وإنْ أَثْبَتْنَا السِّرَايَةَ في الحال، وعليه قيمة نصيب الآخر، وإن أَخَّرْنَا إلى أداء القيمة؛ فعلى الخلاف في أن إِعْتَاقَ الثاني قبل أداء القيمة هل يَنْفُذُ؛ إن قلنا لا، وهو الأَظْهَرُ أخذت قيمة نصيبه من الأول ليعتق.
وإن لم يُؤَرِّخَا عتق الْعَبْدُ كُلُّهُ, ولا تقويم؛ لأنا لا نعلم هل سبق أحدهما الآخر, وبتقدير السبق لا يعلم السابق, فلو رجع الشاهدان على أحد الشريكين شهادتهما لم يغرما (1) شيئاً؛ لأنا لا ندري أن العتق في النصف الذي شهد به حَصَلَ بِشَهَادَتِهِمَا أو بشهادة الآخرين بالسِّرَايَةِ فلا توجب شيئاً بالشك وإن رَجَعُوا جميعاً فوجهان:
أحدهما: أن الجواب كذلك، لقيام الاحتمال في الطريقين.
وأظهرهما: أنهم يَغْرَمُونَ قِيمَةَ العبد؛ لأنه إذا لم يَكُنْ تَارِيخ فَالحُكْمُ بعتق (2) ألْعَبْدِ يتعلَّق بشهادة أَرْبَعَتِهِم ويقدر كأن الإعتاقين (3) وقعا معاً، والفرع من "المولدات" -رحم الله من ولدها.
قَالَ الْغَزَالِي
ُّ: (الخَاصِّيَّةُ الثَّانِيَةُ:) عِتْقُ القَرَابَةِ: وَمَنْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ أَحَدُ أَبْعَاضِهِ أَعْنِي أُصُولَهُ وَفُرُوعَهُ عُتِقَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهلِ التَّبَرُّعِ سَوَاءٌ دَخَلَ قَهْراً بِالإِرْثِ أَوِ اخْتِيَاراً بِالعَقْدِ، فَلاَ يَعْتِقُ مِنْ عَدَا الأَبْعَاضِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: مَنْ مَلَكَ أَبَاهُ أَوْ أُمُّه أو أحد أصوله من الأجداد والجدات، أو ملك واحداً من أَوْلاَدِهِ وأولاد أولاده (4) عتق عليه، رُوِيَ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيهُ فَيَعْتِقَهُ" (5) يعني بالشراء، وفهم من قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} مريم: 92 الآية. ومن قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} الأنبياء: 26 أن الوِلاَدَةَ والعبودية لا يجتمعان ولا فرق بين أن يدخل في مُلْكِهِ قهراً بِالْإِرْثِ أو اختياراً بعقد إما بعوض كالشراء، أو لا بعوض كالهِبَةِ، والوصية، وَفَرْقٌ بين عتق القريب وبين السِّرَايَةِ، حيث لم تَثْبُتِ السِّرَيَةَ إلاَّ عند الاختيار، بأن