أحدهما: وبه قال ابْنُ الحَدَّادِ: أنه يَنْفَذُ وينتقل الدَّيْنُ إلى مال الوارث كما لو أعتق السيد عبده الجاني، أو أعتق المريض عبده، وله مال يفي بديونه ينفذ العتق، ويقضي الدَّيْنَ من سائر أمواله. هذا لفظ الشيخ ونقل الإِمام عنه: أنا إذا نفذنا العتق، نقلنا الدَّين إلى ذمة الوارث إذا لم يخلف سوى العبد قال: ولست أرى الأَمْرَ كذلك، فَالدَّيْنُ لا يتحول إلى ذمة الوارث قط ولكنه بالإعتاق متلف للعبد فعليه أقل الأمرين من الدَّيْنِ وقيمة العبد.
والثاني: أنه موقوف، فإن أدى الوارث الدَّيْنَ من ماله؛ تَبَيَّنَ نفوذ العتق وإلاَّ بيع العبد في الدَّيْن، وبَانَ أن العتق لم ينفذ، ولو باع الوارث التركة بغير إذن الغُرَمَاءِ؛ لم يَنْفُذْ بَيعَهُ إن كان مُعْسِراً، وإن كان موسراً ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن البيع باطل؛ لأنه كالمرهون بديون الغُرَمَاءِ.
والثاني: أنه يصح؛ ويلزم وسيأتي تفريعه (1) إن شاء الله تعالى.
والثالث: أنه موقوف كما ذكرنا في العتق، وللإمام هاهنا أبحاث:
أحدها: يحكى عن الشيخ أَبِي مُحَمَّدٍ: تنزيل التركة منزلة العبد الجاني وقد سبق في بيع السيد العبد الجاني -إِطلاَقُ قولين من غير فرق بين المعسر والموسر، فيجيء قول هاهنا في بيع الوارث، وإن كان معسراً ثم فرق بين التركة، والعبد الجاني بما فرق به بينها وبين (2) المرهون.
والثاني: ذكر الشَّيْخُ تفريعاً على صحَّةِ البيع أن الثمن يصرف إلى الغرماء وأن المشتري لو دفع الثمن إلى الوارث، فتلف في يده؛ كان للْغُرَمَاءِ تغريم المشتري.
قال الإِمام: والوجه عندي القطع بأنهم لا يُطَالِبُونَ المُشْتَرِي وإنما إذا ألزمنا البيع كان بمثابة الإعتاق الذي عوض له، وَبِتَقْدِير أن يكون الثمن مستحقاً للغرماء، فما ينبغي أن يفرق بين المعسر والمُوسِرِ.
والثالث: قال: إِلْزَامُ البيع بعيدٌ فإن بيع العبد الجاني، وإن صححناه لا يلزم؛ مع أن تَعَلُّقَ ألأَرْشِ به أضعف على ما ذكرنا، فبيع الوارث أولى بأن لا يلزم.
والرابع: في بيع المُفْلِسِ المحجور عليه قول: أنه يَنْعَقِدُ على التوقف فيجوز إجراؤه في الوارث المعسر.
وَاعْلَمْ أن جميع ما ذكرناه مُفَرَّعٌ على أن الدَّيْنَ لا يمنع الميراث، أما إذا قلنا يمنعه، والتركة مُقرَّةٌ على مِلْكِ الميت فلا يصح تصرف الوارث بحال، وإن ذكرنا في