ولو (1) قال لعبده: أنت حر كيف شئت. عن أَبِي حَنِيْفَةَ -أنه يعتق في الحال، ولا يتوقف على مشيئته. وعن صاحبيه -رحمهما الله-: أنه لا يعتق حتى يشاء.
قال ابْنُ الصَّبَّاغِ وهو الأشبه: إذا ولدت المَزْنِيُّ بها ولداً وملكه الزَّانِي لم يعتق عليه وقال أَبُو حَنِيْفَةَ: يعتقُ. إذا أوصى بعتق عبد يخرج من الثلث فعلى الوارث إعتاقه، فإن امتنع أعتقه السلطان؛ لأنه حتى توجه عليه فإذا امتنع ناب عنه السلطان.
إذا كان عبده مقيداً فحلف بعتقه أن (2) في قيده عشرة أرطال، وحلف بعتقه أنه لا يحله هو ولا غيره، فشهد عند القاضي شاهدان أن في (3) قيده خمسة أرطال، وحكم القاضي بعتقه ثم حَلَّ القيد فوجد فيه عشرة أرطال.
قال أَبُو حَنِيْفَةَ: يجب على الشاهدين قيمته بناءً على أن حكم الحاكم ينفذ باطناً وإن كان بشهادة الزور، فكأن الحكم وقع بشهادتهما.
و (4) قال صاحباه: لا يجب عليهما شيء. قال ابْنُ الصَبَّاغ وَهُوَ الصحيح: أن العتق حصل بحل القيد دون الشهادة لتحقق كذبهما.
عن ابْنِ الحَدَّادِ: إذا شهد شاهدان على أنه أعتق في مرضه هذا العبد وأوصى بعتقه، وحكم القاضي بشهادتهما، وشهد آخران على أنه أعتق عبداً آخر، وكل واحد منهما ثلث ماله ثم رجع الأَوَّلاَنِ، فلا يُرَدُّ القضاء بعد نفوذه، ويقرع بينهما، فإن خرجت القرعة للعبد الأول، عتق، وعلى الشاهد الْغُرْمِ بالرجوع، وَيرِقُّ الثاني، وحيسئذ فيحصل للورثة التركة بتمامها، وإن خرجت للثاني، عتق وَرَقَّ الأول، ولا شيء على الراجعين؛ لأن القرعة لم تفض إلى عتق من شهدا بعتقه.
واعترض ابْنُ الصَّبَّاغِ فقال: ينيغي أن يعتق الثاني بكل حال، ويقرع بينهما لمعرفة حال الأول، فإن خرجت القرعة له عتق أيضاً وَغَرمَ الرَّاجِعَانِ.
قَالَ الْغَزَالِي
ُّ: (الخَاصِيَّةُ الخَامِسَة الوَلاءُ) وَالنَّظَرُ فِي سَبَبِهِ وَحُكْمِهِ (أَمَّا السَّبَبُ) فَهُوَ زَوَالُ المِلْكِ بِالحُرِّيَّةِ فَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالحُرِّيَّةِ عَنْ رَقِيقٍ فَهُوَ مَوْلاَهُ سَوَاءٌ نَجَّزَ عِتْقَهُ أَوْ عَلَّقَ أَوْ دَبَّرَ أَوِ اسْتَوْلَدَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ العَبْدَ بِعِوَضٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَحَقِيقَةُ الوَلاَءِ أَنَّهُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَب فَإِنَّ المُعْتَقَ سَبَبٌ لِوُجُودِ الرَّقِيْقِ لِنَفْسِهِ كَمَا أَنَّ الأَبَ سَبَبٌ، وَلِذَلِكَ تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ فِي وَجْهٍ عَلَى مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ، وَلَوْ أوْصَى لِبَنِي فُلاَنٍ دَخَلَ مَوَالِيهُمْ فِي وَجْهٍ،