وإن قلنا: هناك يصير فيئاً (1)، فهاهنا قولان:
اختيار أبي إسحاق: أنَّه لا يكون فيئاً، ويُوقَفُ؛ لأنه يُرجَى عَوْدُ المَالِكِيَّةِ.
وأما وَلاَءُ هذا المكاتب؛ فإن عُتِقَ قبل أن يُسْتَرَقَّ السَّيِّد، فطريقان:
أحدهما: إن الوَلاَءَ كالمَالِ، فإن جَعَلْنَاهُ فيئاً، فالوَلاء لأهْلِ الفيء، وإن تَوَقَّفْنَا، فكذلك نَتَوَقَّفُ في الوَلاَءِ.
وأظهرهما: أنَّه يسقط وَلاَؤهُ؛ لأن الوَلاَءَ لا يُوَرَّثُ، ولا يَنْتَقِلُ من الشخص إلى الشخص.
وإن اسْتُرقَّ السَّيِّدُ قبل عِتْقِ المُكَاتَب، فإن جعلنا ما في ذمته (2) فيئاً، فإذا عُتِقَ يَدْفَعُهُ إلى الحاكم، ففي الوَلاَءِ الوجهان كذلَك. ذكره صاحب "الشامل" وغيره.
وإن قلنا: إنه مَوْقُوفٌ؛ فإن عُتِقَ السَّيِّدُ، دفع المُكَاتَبُ المَالَ إليه، وكان له الوَلاَءُ، وإن مات رَقِيقاً، وصار المال فَيْئاً ففي الوَلاَءِ الوجهان.
ولو قال المُكَاتَبُ في مُدَّةِ التوقف: انْصُبُوا مَنْ يَقْبِضُ المَالَ لأعتق، أُجِيبَ إليه، وإذا عُتِقَ، فليكن في الوَلاَءِ الخِلاَفُ.
وقد قيل: يُبْنَى ذلك على أن مُكَاتَبَ المُكَاتَب إذا عُتِقَ تَفْرِيعاً على أنَّه تَصِحُّ كِتَابَتُهُ يكون وَلاَؤهُ لِسَيِّدِ المُكَاتَبِ أو يوقف على عِتْقِ المكاتب، وفيه قولان:
إن قلنا بالأَوَّلِ؛ فالوَلاَءُ هاهنا لأَهْلِ الفَيْءِ.
وإن قلنا بالثاني؛ فَيُوقَفُ.
قال الرُّوَيانِيُّ في "جمع الجوامع": والصَّحِيحُ عند عَامَّةِ الأصحاب في المسألة أنَّه يُوقَفُ المَالُ، وكذا الوَلاَءُ، فإن عُتِقَ، فله المَالُ والوَلاءُ، وإن مات رَقِيقاً، فَالمَالُ لأَهْلِ الفَيْءِ، ويسقط الوَلاَءُ.
وقوله في الكتاب: "والكَافِرُ تَصِحُّ كِتَابَتهُ" ليحمل على الذِّمِّيِّ، وإن أمكن إِجْرَاؤُهُ على إِطْلاَقِهِ على ما تبين (3)؛ لأنه قال بعده: "والحَرْبِيُّ تصح كِتَابَتُهُ"، ولو أجرى ذلك على إطلاقه، كان الأَحْسَنُ أن يقول: والحَرْبِيُّ إن صَحَّتْ كتابته، ولكن لو قهره السَّيِّدُ
... إلى آخره.
" فروع":