والأوجه: المنع؛ لأنه ليس مَعْقُودًا عليه، وإنما يثبت الفَوْرُ فيما يُؤَدِّي رَدُّهُ إلى رفع العَقْدِ؛ إِبْقَاءً للعقد.
إذا عرف ذلك، فلو وجد السَّيِّدُ ببعض النجوم المَقْبُوضَةِ، أو جميعها عَيْباً، فله الخِيَارُ بين أن يرضى به، وبين أن يَرُدَّهُ، ويطالب ببدله، ولا فَرْقَ بين العَيْبِ اليسير والفَاحِشِ، خلافاً لأبي حنيفة في اليَسِيرِ، فإن كان العَيْبُ في النَّجْمِ الأخير الذي يَتَعَلَّقُ به العِتْقُ فإما أن يرضى به، أو يريد الرد، فإن رضي به، فالعِتْقُ نافذ لا مَحَالَةَ، ويجعل رِضَاهُ بالعَيْبِ كالإبراء عن بعض الحَقِّ، ولكن يحصل العِتقُ عند الرَّضَا، أو نقول: حصل من وَقْتِ القبض؟
فيه وجهان، ويشبه أن يرجع الثاني، وبه قال أبو إِسْحَاقَ، وصاحب "التقريب" وغيرهما. وإن أراد الرد والاسْتِبْدَالَ؛ فان قلنا: يتبين بالرَّدِّ أن الملك لم يحصل بالقَبْضِ، فالعتق غير حَاصِلٍ، فإن أَدَّى على الصفة المُسْتَحَقّةِ بعد ذلك، فحينئذ يحصل العِتْقُ.
وإن قلنا: يَحْصُلُ المِلْكُ في المقبوض، وبالرد يرتفع، فَوَجْهَانِ:
أحدهما: أن العِتقَ كان حَاصِلاً، إلاَّ أنه كان بِصِفَةِ الجَوَازِ، فإذا رَدَّ العِوَضَ ارْتدَّ.
وأصحهما: أن العِتْقَ لم يحصل، إذ لَيْسَ العِتْق من التَّصَرُّفَاتِ التي يَتَطَرَّقُ النَّقْصُ إليها، فلو حَصَلَ لَمَا ارْتَفَعَ، ولا ثَبَتَ العِتْقُ بصفة اللزوم باتفاق الأَصْحَابِ.
وعن أحمد: أنه يَثْبُتُ، ولا يبطل العِتْقُ برد العِوَضِ.
واحتج الأَصحَابُ بأن الكِتَابَةَ عقد مُعَاوَضَةٍ، يلحقه الفَسْخُ بالتَّرَاضِي، فوجب أن يفسخ بالعَيْب كالبيع. ولو تَلِفَ عند السيدِ ما قبضه، ثم عرف أنه كان مَعِيباً؛ فقد قَدَّمَ الإِمام عليه أَنه إن اتَّفَقَ ذلك في عَيْنٍ، فإن رَضِيَ، فالذي يَدُلُّ عليه فَحْوَى كلام الأئمة أن الرِّضَا كَافٍ، ولا حَاجَةَ إلى إِنْشَاءِ إِبْرَاءٍ.
ووجهه: أن الأَرْشَ كالعِوَضِ عن حَقِّ الرَّدِّ، والرَّدُّ يَكْفِي في سُقُوطِهِ الرِّضَا، فكذا الأَرْشُ، فإن طلبه تفرد، ولم يسقط إلاَّ بالإِسْقَاطِ.
وأما النجوم؛ فإن رَضِيَ، فالعِتْقُ نَافِذٌ، ويعود الوَجْهَانِ في أنه يحصل عند الرِّضَا، ويستند إلى القَبْضِ. وإن طلب الأَرْشَ يتبين أن العِتْقَ لم يحصل، فإذا أَدَّى الأَرْشَ حصل حينئذ، وإن عَجَزَ، فَلِلسَّيِّدِ إِرْقَاقُهُ، كما لو عَجَزَ ببعض النُّجُوم، ويجيء الوَجْهُ الآخر، وهو أن يرتفع العَقْدُ بعد حُصُوله، ويوافقه لَفْظُ صاحب "الشامل" حيث قال: ويعود حكم الرِّقِّ في العَبْدِ، حتى يُؤَدِّيَهُ، والأول هو المذكور في "الوسيط".
وقوله هاهنا: "جاز رَدُّ العِتْقِ إلى أن يسلم الأَرْش". مَحْمُولٌ عليه، وتأويله أن