يُقْرَعُ بعد موته. والصحيح الأول. وإن (1) بيَّن أحدهما، فإن صَدَّقَهُ الآخر فذاكَ، وإن كَذَّبَهُ، وقال: اسْتَوْفَيْتَ مني أو أَبْرأْتَنِي، فله تحليف السيد، فإن حَلَفَ، بَقِيَ على الكتابة إلى أَدَاءِ النجوم، وإن نَكَلَ حَلَفَ المُكَذِّبُ، وعتق أيضاً.
قال الرُّوَيانِيُّ في "الكافي": وان لم يتذكر، حلف لهما إذا ادَّعَاهُ، وإذا حلف، ففيه وجهان:
أحدهما: أنهما يَبْنِيَانِ على الكتابة، ولا يُعْتَقُ وَاحِدٌ منهما إلاَّ بأداء النجوم.
والثاني: أن الدَّعْوَى تَتَحَوَّلُ إلى المُكَاتَبِينَ، فإن حَلَفَا على الأداء، أو نَكَلاَ ثَبَتَا على الكتابة. وان حلف أَحَدُهُمَا دُونَ الآخَرِ، حكم بِعِتقِ الحالف، وبقي النَّاكِلُ على الكتابة. ولو أنه لما بين أحدهما قال الآخَرُ: عَنَيْتَنِي بالإِقْرَارِ الذي أبهمته، ولم يقل: استوفيت أو أبرأت، فقد قال الإِمام: الأَصَحُّ أن دَعْوَاهُ مَرْدُودَةٌ على هذا الوَجْهِ؛ لأنه ليس يَدَّعِي حقاً ثَابِتاً، وإنما يَدَّعِي إخباراً، وقد يكون صدقاً وقد يكون كَذِبًا. وقد سَبَقَ نَظَرُ هذا في "الدَّعَاوَى".
وإن مات قبل البَيَانِ: فما الحكم؟
ساق الإِمَامُ وصاحب الكتاب طَرِيقَةً أخرى (2)، والأكْثَرُونَ -رحمهم الله- طريقة أخرى، وبين الطَّرِيقَتَيْنِ بَعْضُ الاتِّفَاقِ، وبَعْضُ الاختلاف. أما طريقتهما فهي: أن لكل وَاحِدٍ من المكاتبين أن يَدَّعِيَ على الوَارِثِ توْفِيَةَ النجوم على المورث، أو إبراءه، وأن يُحَلِّفَهُ على نَفْي العلم، فإذا حلف؛ فهل يُقْرَعُ بينهما؟ فيه قولان.
أحدهما: لا؛ لأنه استبهام دين، فهو كما لو قال: استوفيت كذا من أحد غَرِيمي، ومات قبل البَيَانِ، ولم يُبَيِّن الوارث، لا يُقْرَعُ بينهما.
وأشهرهما وأصحهما: على ما ذكر الإِمام: أنه يُقْرَعُ لِحَقِّ العِتْقِ، الذي يتضمنه الاسْتِيفَاءُ فهو كما لو أبهم العِتْق بين عبدين. ثم إنه مِع تَرْجِيحِهِ هذا القول، ذكر إِشْكَالاً عليه: أن المُسْتَوْفَى منه حُرٌّ على التعيين، ومن أعْتَقَ أَحَدَ العَبْدَيْنِ بعينه، ثم أشكل الحال فلا إِقْرَاعَ، وإنما الإِقْرَاعُ فيما إذا أعتق المريض عَبِيداً، وأقتضى الشَّرْعُ قَصْرَ العِتْقِ على بعضهم.
وفيما إذا أعْتَقَ أَحَدَ العبدين -أو العَبِيدَ- ولم يُعَيِّنْ واحداً بلَفْظِهِ، ولا بقلبه، وانفصل عن الإِشْكَالِ بتخريجه على قَوْلَينِ سبق ذكرهما، فيما إذا أَعْتَقَ المَرِيضُ عَبْداً بعد عبد واستبهم (3) المتقدم منهما، وهما كالقولين في نَظِيرِ المسألة من الجُمُعَتَيْنِ،