الكَسْب، وأَرْش الجِنَايَةِ، فيمنع (1) البيع، كما لو باع عَبْداً من إنسان لا يَجُوزُ له بَيعُهُ، ولأن البَيْعَ إما أن يرفع الكتابة؛ وهو باطل؛ لأن الكِتَابَةَ لاَزِمَةٌ من جهة السَّيِّدِ، أو لا يرفع، فيبقى مُستَحِقَّ العَتَاقَةِ، فوجب ألاَّ يَصِحَّ بَيْعُهُ كالمُسْتَوْلَدَةِ.
والقديم: الجَوَازُ؛ وبه قال أحمد، كَبَيْعِ المُعلَّقِ عِتْقُهُ بصفة، ويحتج له بحديث بريرةَ، فإنها اسْتَعَانَتْ بعائشة -رضي الله عنها- في كتَابَتِهَا فقالت: إن باعوك صَبَبْتُ لهم ثَمَنَكِ صبّاً فراجعتهم، فَأَبَوْا أن يَبِيعُوهَا، إلاَّ أن يكون الوَلاَءُ لهم (2) -الحديث.
ومن قال بالجديد؛ قال: إنها عَجَّزَتْ نَفْسَهَا، ثم اشْتَرَتْهَا عائشة -رضي الله عنها-.
وفي "جمع الجوامع" للقاضي الرُّوياني: أن من الأَصْحَاب مَنْ قَطَعَ بالمَنْعِ، وأنكر القول الآخر، فَلْيُعَلَمْ لذلك قوله في الكتاب: "وفي القديم" بالواو. وقوله: "يبيعه" بالحاء والميم، وقوله: "فلا يصح" بالألف.
وهِبَةُ المكاتب كَبَيْعِهِ، فإن قلنا بالجديد؛ فلو دَفَعَ النُّجُومَ إلى المشتري بعد البيع؛ فهل يعتق؟ فيه الخلاف الذي نَذْكُرُهُ فيما لو دَفَعَ النجوم إلى مشتري النجوم في المسألة الثانية. وإذا استخدمه المُشْتَرِي مُدَّةً لَزِمَتهُ أُجرَةُ المِثْلِ للمكاتب.
وهل على السيد أن يُمْهِلَهُ المدَّةَ التي كانت في يَدِ المشتري؟
فيه قولان، كما في اسْتِخْدَامِ السيد وَحبْسِهِ.
وإن قلنا بالقديم؛ فهل تَرْتَفِعُ الكِتَابَةُ؟
نقل في "التهذيب" وَجْهاً: أنها تَرْتَفِعُ.
والظاهر: أنها لا ترتفع.
وينتقل إلى المُشْتَرِي مُكَاتباً، وعلى هذا فوجهان:
أحدهما: إنه إذا عُتِقَ بأداء النجوم إلى المشتري، كان الوَلاَءُ للبائع، ويكون انْتِقَالُهُ بالشِّرَاءِ، كانتقاله بالإِرْثِ إلى الوَارِثِ.
وأظهوهما: أنه يكون الوَلاَءُ لِلْمُشْتَرِي، إذا عُتِقَ بالأَدَاءِ إليه، بخلاف الوَارِثِ، فإنه يَنُوبُ عن المورث ويحلفه.
ولو كَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً، ثم باع المُكَاتَبَ فسنذكر حُكْمَهُ من بعد إن شاء الله تعالى.