أحدهما: يَحْصُلُ لأن للسيد سلطنة (1) على القَبْضِ، فهو كما لو وكل بالقبض وكيلاً.
وأصحهما: المَنْعُ؛ لأنه يَقْبِضُ لنفسه، حتى لو تَلِفَ في يَدِهِ يَضْمَنُهُ، بخلاف الوكيل، فإنه يقبض للموكل.
والثاني؛ وبه قال أبو إِسْحَاقَ: أنهما مَحْمُولاَنِ على حَالَيْنِ؛ فإن قال بعد البيع: خُذْهَا منه. أو قال لِلْمُكَاتَبِ: ادفعها إليه؛ صار وكيلاً، وحصل العِتْقُ بِقَبْضِهِ.
وإن اقتصر على البيع فلا؛ فإنه فَاسِدٌ فلا عِبْرَةَ بما يَتَضَمَّنُهُ. ويقال: إن أبا إِسْحَاقَ عَرَضَ هذا الفَرْقَ على ابن سُرَيْجٍ، فلم يَعْبَأ به، وقال: إنه كان صرح بالإِذْنِ، فإنما يَأْذَنُ بحكم المُعَاوَضَةِ، إلاَّ أنه بينه. فإن قلنا: يُعْتَقُ؛ فما أَخَذَهُ المُشْتَرِي يَدْفَعُهُ إلى السيد؛ لأنا جعلناه كالوكيل له. وإن قلنا: لا يُعْتَقُ؛ فالسيد يُطَالِبُ المُكَاتَبَ، والمكاتب يَسْتَرِدُّ ما دفع إلى المشتري (2).
وأَطْلَقَ صاحب الكِتَاب في قَبْضِ مشتري النجوم وَجْهَيْنِ في أنه هل يُعْتَقُ؟ والمشهور من الخلاف فيه القولان على ما بَيَّنَّا. والله أعلم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَهُ مُعَامَلَةُ العَبْدِ بِالبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ وَأَخْذِ الشُّفْعَةِ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ العَبْدِ مِنْهُ فَإِنْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ مِثْلُ النُّجُومِ قَدْراً وَجِنْساً وَقُلْنَا: يَقَعَ التَّقَاصُّ فَيُعْتَقُ، لَكِنْ فِي تَقَاصِّ الدَّيْنَيْنِ المُتَسَاوِيَيْنِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: (أَحَدُهَا): أنَّهُ لاَ يَحْصُلُ وَإِنْ رَضِيَاهُ (وَالثَّانِي): أنَّهُ يَحْصُلُ إِنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا (وَالثَّالِثُ): أَنَّهُ لاَ يَحْصُلُ إِلاَّ بِرِضَاهُمَا (وَالرَّابعُ): أَنَّ التَّقَاصَّ يَقَعُ بِنَفْسِهِ دُونَ الرِّضَا، فَإِنْ أجْرَيْنَا التَّقَاصَّ فِي النَّقْدَيْنِ فَفِي ذَوَاتِ الأَمْثَالِ وَجْهَانِ، وَفِي العُرُوضِ وَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: السَّيِّدُ في المُعَامَلَةِ مع المُكَاتَبِ كالأجنبي مع الأَجْنَبِيِّ، فيبيع منه ويشتري (3)، فإذا باع السيد شِقْصاً من ريع والمكاتب شريك فيه؛ فله الأَخْذُ بالشُّفْعَةِ.