أعتق شِقْصاً له في عَبْدٍ لم يسر (1).
قال الشيخ أبو عَلِيٍّ: والأَصَحُّ الأول. وذلك الشِّقْصُ أيضاً لم يعتق في الابتداء، وإنما عُتِقَ عند عِتْقِ المُكَاتَبِ، فليست السِّرَايَةُ مُتَأَخِّرَةَ عن العِتْقِ.
والثاني: اشترى المُكَاتَبُ ابْنَ سَيِّدِهِ، ثم باعه بأبي السَّيِّدِ، يصح، ويصير الأب مِلْكاً، فإن رُقَّ المُكَاتَبُ صار الأبُ مِلْكاً للسيد وعُتِقَ عليه، فإن وجد به عَيْباً بعد ذلك، فلا سَبيلَ إلى الرَّدِّ، ولكن له الأَرْشُ والأَرْشُ جُزْءٌ من الثَّمَنِ، فإن نَقَصَ العَيْبُ عُشْرَ قيمة الَأب، فيرجع إلى عُشْرِ الابن الذي هو الثَّمَنُ، وإذا ملك عشر الابن، عُتِقَ عليه وهل يُقوَّمُ عليه الباقي؟
قال الشيخ أبو عَلِيٍّ: إن عَجَّزَ المُكَاتَبُ نَفْسَهُ بلا اختيار للسيد لا يُقَوَّمُ عليه الباقي، وإن عَجَّزَهُ بِنَفْسِهِ؛ ففيه وجهان، قد سبق نظيرهما قال: والأظهر: المَنْعُ.
وزاد الإِمام، فقال: القِسْطُ من الابن -الذي هو الأَرْشُ- يَنْقَلبُ إليه قَهْراً، أم لا يرجع إلاَّ باختياره؟
فيه وجهان:
فإن قلنا بالأَوَّلِ، ففي تَقْوِيمِ الباقي عليه الوَجْهَانِ.
فإن قلنا بالثاني؛ فالظَّاهِرُ السِّرَايَةُ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوِ اسْتَوْلَدَ المُكَاتَبَ جَارِيتَهُ فَوَلَدُهُ مُكَاتَبٌ عَلَيْهِ أَيْ يُعْتَقُ بِعِتْقِهِ وَيُرَقُّ بِرِقِّهِ، وَهَلْ تَصِيرُ أُمُّ الوَلَدِ مُسْتَوْلَدَتَهُ إِذَا عُتِقَ فِيهِ قَوْلاَنِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: عرفت أن المكاتب لا يَطَأُ جَارِيَتَهُ بغير إِذْنِ سَيِّدِهِ، وكذا بِإِذْنِهِ على الأظهر، فلو خالف وَوَطِئَ، فلا حَدَّ عليه للشُّبْهَةِ، ولا مَهْرَ؛ لأن مَهْرَ جَارِيتِهِ لو ثَبَتَ لثبت له، فإن أَوْلَدَهَا، فَالوَلَدُ نَسِيبٌ بشُبْهَةِ المِلْكِ. ثم لا يخلو إما أن يأتي بالوَلَدِ، وهو مُكَاتبٌ بعد (2)، فيكون مِلْكاً له؛ لَأنه وَلَدُ جاريته، لكن لا يملك بَيْعَهُ؛ لأنه وَلَدُهُ، ولا يعتق عليه؛ لأن مِلْكَهُ ليس بتام، بل يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ على عِتْقِهِ؛ إن عُتِقَ عُتِقَ، وإلاَّ رُقَّ، وصار للسيد وهذا معنى قولهم: "إن ولده يتكاتب عليه".
وهل تصير الجَارِيَةُ مُسْتَوْلَدَةً له؟
منهم من يَقُولُ: لا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً في الحال، فإن عُتِقَ، ففيه قولان. ومنهم من يطلق القولين في ثُبُوتِ حُرْمَةِ الاسْتِبْدَادِ في الحال.