يقوله: فالصُّورَةُ من صور التَّقَاصِّ، وإن لم تكن بَيِّنَةٌ، فَيُصَدَّقْ بِيَمِينِهِ؛ لأنه اخْتِلافٌ في وقت الكتابة، فَيُصَدَّقُ فيه السيد، كالاختلاف في أَصْلِ الكتابة.
ولأن الأصل جَوَازُ التَّصَرُّفِ فيما يحدث من مِلْكِهِ، وهي تدعي حُدُوثَ مانع منه.
والثاني: زَوَّجَ أَمَتَهُ من عبده، ثم كاتب العَبْدَ، ثم باع منه زَوْجَتَهُ، وأتت بَوَلَدٍ، واختلف السَّيِّدُ والمُكَاتَبُ:
فقال السيد: وَلَدَتْ قبل الكِتَابَةِ، فهو قِنٌّ لي.
وقال المُكَاتَبُ: بل بعد الكِتَابَةِ والشراء.
وقد تكاتب فيصدق المُكَاتَبُ بِيَمِينِهِ، بخلاف ما ذكرنا في الفَرْع السابق؛ لأن المُكَاتَبَ هناك يَدَّعِي مِلْكَ الوَلَد؛ لما مَرَّ أن ولد أَمَتِهِ ملكه، ويَدُهُ مُقَرَّةٌ عَلى هذا الوَلَدِ، واليد تَدُلُّ على المِلْكِ، فصار كما لو كان في يَدِهِ مَالٌ، وادَّعَاهُ السيد، والمُكاتَبَةُ هناك لا تَدَّعِي المِلْكَ، ولا تقر يدها على الوَلَدِ، وإنما تدعي تَوَقُّفَ أَمْرِهِ، وثُبُوتَ حكم الكتابة فيه، ولا دِلاَلَةَ لِلْيَدِ على ما يَدَّعِيهِ.
آخر: حكى الصَّيْدَلاَنِيُّ أن الشافعي -رضي الله عنه- قال: لو أتَتْ بِوَلَدَيْنِ؛ أحدهما قبل الكتابة، والآخَرُ بعدها؛ فهما للسَّيِّدِ؛ لأنهما حَمْلٌ وَاحِدٌ، وكذا لو أَتَتْ بأحدهما من يَوْمِ ملْكِ الأُمِّ، لأقل من ستة أشهر، وبالآخر لأكثر فهما للسَّيِّدِ.
كان الشيخ أبا زيد أَفْتَى بذلك.
والصَّحِيحُ أن كَلاَمَ الشَّافعي -رضي الله عنه-مُؤوَّلٌ، وأن الحَمْلَ يتبع الأم في البيع؛ كيف كان، حتى لو وضعت وَلَداً، وفي بَطْنِهَا آخر فبيعت، فالولد الثاني مَبِيعٌ معها، وإن كان الأول للْبَائِعِ.
هذا ما أوْرَدَهُ صاحب "التهذيب" (1).