وإن كان مُوسِراً سَرَى، ولا يلزمه للشريك قِيمَةُ نَصِيبِهِ؛ لأنه يَدَّعِي أن الجَارِيَةَ مُسْتَوْلَدَتُهُ، فَيُؤَاخَذُ بموجَبِ إِقْرَارِهِ.
فإذا لم يجد القَائِفُ، والمُتَدَاعِيَانِ مُوسِرَانِ، فيحكم بأن الجَارِيةَ مُسْتَوْلَدَةَ بينهما؛ نِصْفُهَا لهذا، ونِصْفُهَا لهذا، إذ ليس أحدهما بِأوْلَى من السِّرَايَةِ للآخر.
ولو أقر بالوَطْءِ وسَكَتَا عن دَعْوَى الوَلَدِ، وألْحَقَهُ القَائِفُ بأحدهما، ثَبَتَ الاسْتِيلاَدُ في نصيبه، وسَرَى، وعليه أن يَغْرَمَ للشريك؛ لأنه لم يُوجَدْ هاهنا إِقْرَارٌ ينافي الغُرْمَ.
ولو لم يوجد قَائِفٌ، واعتمدنا (1) انتسابه بعد البُلُوغِ؛ فهل يَثْبُتُ الغُرْمُ والصورة هذه؟ فيه تَرَدُّدٌ مَفْهُومٌ من كلام الأصحاب.
الحالة الثانية: إذا أَتَتْ بِوَلَدَيْنِ، وعرفا حالهما، واتَّفَقَا على أن هَذَا من هذا، وهَذَا من هذا، وفيها مَسْأَلَتَانِ:
إحداهما: إذا اتَّفَقَا على السَّابِقِ منهما، فينظر: إن كانا مُوسِرَيْنِ، أو كان الأول مُوسِراً، فتصير الجَارِيَةُ مُسْتَوْلَدَةً للأول، وعليه للثاني نِصْفُ مَهْرِهَا، ونصْفُ قِيمَتِهَا، وفي وجوب نِصْفِ قيمة الوَلَدِ خِلافٌ.
قال في "التهذيب": إن قلنا: تحصل السِّرَايَةُ بنفس العلُوقِ، فلا يَجِبُ. وإن قلنا: يَتَوَقَّفُ العَجْزُ، أو قلنا: لا يَحْصُلُ إلاَّ بأَدَاءِ القِيمَةِ، فيجب.
وأما الثاني فإن وَطِئَهَا بعدما صَارَ جميعها مُسْتَوْلَدَةً للأول، وهو عالم بالحال، فعليه الحَدُّ، وولده رَقِيقٌ للأول، وإن كان جَاهِلاً، فالولد حُرٌّ، وعليه تَمَامُ المَهْرِ، وتمام قيمة الولد، يَوْمَ الوَضْعِ، وتكون جميعها للأول، إن ارتفعت الكِتَابَةُ في نصيبه أيضاً، وإن بَقِيَتْ، فنصف المهر له، ونصفه لِلْمُكَاتَبَةِ، ونصْفُ قيمة الولد له (2)، ونِصْفُهَا على الخِلاَفِ في ولد المُكَاتَبَةِ.
وإن وَطِئَهَا قبل أن تَصِيرَ جميعها مُسْتَوْلَدَةً للأول، فلا يَلْزَمُهُ إلاَّ نِصْفُ المهر؛ لأن نِصْفَهَا له بَعْدُ، وفي تَبَعُّضِ حرية الولد ما سَبَقَ، فإن لم يَتَبعَّضْ، فعليه نِصْفُ قيمة الولد، ولا يَثْبُتُ الاسْتِيلاَدُ في نصيب الثاني، وإن بَقِيَ نَصِيبُهُ له؛ لأن الأول اسْتَحَقَّ السِّرَايَةَ، فلا يجوز إِبْطَالُ حَقَّهِ عليه.
وعن القَفَّالِ: أن فيه وجهين، كما لو أَعْتَقَ أَحَدُ الشريكين نَصِيبَهُ وهو مُوسِرٌ.
وقلنا: إن السِّرَايَةَ تَتَوَقَّفُ على أَدَاءِ القيمة، فأعتق الآخر نَصِيبَة قبل أدائها.