البَابُ الثَّانِي فِي الجَمْعِقال الغزالي: وَالجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَبَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ فِي وَقْتَيهِمَا جَائِزٌ بِالسَّفَر (زح) وَالمَطَرِ، وَهَلْ يَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ قَوْلاَنِ.
قال الرافعي: يجوز الجمع بين الظهر والعصر تقديماً في وقت الظهر، وتأخيراً في وقت العصر بعذر السفر، وكذلك الجمع بين المغرب والعشاء؛ لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا جَدَّ بِهِ سَيْرٌ جَمَعَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ" (1).
وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ يَجْمَعُ بَينَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ" (2).
وهذا في السَّفَرِ الطَّوِيلِ؛ وفي جواز الجمع في القصير قولان:
أحدهما -وهو القديم-: أنه يجوز، وبه قال مالك -رضي الله عنه- لإطلاق حديث أنس -رضي الله عنه-، واعتباراً بالتنفل على الراحلة.
وأصحهما -وبه قال أحمد -رحمه الله-: لا يجوز؛ لأنه إخراج عبادة عن وقتها، فاختص بالسفر الطويل كالفطر، والأفضل للسائر في وقت الصلاة الأولى تأخيرها إلى الثانية، وللنازل في وقت الأولى تقديم الثانية إليها. ثبت ذلك من فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمعنى فيه بين.
وشرط جواز الجمع في السفر أن لا يكون سفر معصية، كما ذكرنا في القصر، ويجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بعذر المطر أيضاً؛ لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ لِلْمَطَرِ" (3).
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن النبِي -صلى الله عليه وسلم- جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ" (4).
قال مالك: أرى ذلك في المطر.
وقوله: (لعذر السفر) معلم بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة لا يجوز الجمع بعذر