والرابعة: الجمع بين الصلاتين، وفيه قولان مذكوران في هذا الباب، وكان قد أرسل ذكر القولين في المسألة فنص ههنا على الأصح وأدرجه في هذا القسم تفريعاً عليه، والتي لا تختص بالسفر الطويل جعلها أربعًا أيضاً:
إحداها: التيمم، وهذا يجوز أن يراد به الترخص من فعل الصلاة به، ويجوز أن يراد به إسقاط فرض الصلاة به، وعلى هذا التقدير فهو جواب على الأصح من وجهين ذكرناهما في "باب التيمم" وأن التيمم في السفر القصير، هل يغني عن القضاء أم لا؟ ثم على التقديرين ينبغي أن يعلم أن التيمم كما لا يختص بالسفر الطويل، لا يختص بنفس السفر، لما بيناه في ذلك الباب.
الثانية: أكل الميتة وهو أيضاً مما لا يختص بالسفر نفسه.
والثالثة: ترك الجمعة.
والرابعة: التنفل على الراحلة، وفي جوازه في السَّفَرِ القصير قولان أرسلهما في باب الاستقبال، ونص على الأصح هاهنا، وأدرجه في هذا القسم تفريعاً عليه.
وأما المقصد الثاني: فاعلم أن الصوم في السفر أفضلُ من الفطر على المذهب المشهور، لما فيه من تبرئة الذمة والمحافظة على فضيلة الوقت، وهذا إذا أطلق الصَّوْم.
وفيه وجه آخر رواه القاضي الروياني وغيره، أن الفطر أفضل، وبه قال أحمد؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ" (1).
وفي الأفضل من القصر والإتمام قولان:
أحدهما -وبه قال المزني-: أن الإتمام أفضل؛ لأنه الأصل، والقصر بدل معدول إليه، فأشبه غسل الرجل مع المسح على الخف.
وأصحهما -وبه قال مالك وأحمد-: أن القصر أفضل؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "خِيَارُ عِبَادِ اللهِ الَّذِينَ إِذَا سَافَرُوا قَصَرُوا" (2).
ولأنه متفق عليه، والإتمام بخلافه، وبخلاف الصوم مع الفطر، حيث قلنا: الصوم أفضل وإن صار أهل الظاهر إلى أنه لا يصح.
قال إمام الحرمين: لأن المحققين من علماء الشريعة لا يقيمون لمذهبهم وَزْناً، وذكر الصيدلاني أن القصر أَفْضَلُ من الإتمام، وفي الإفطار والصوم وجهان، وهذا يوهم