أحدهما: أن يكون مدركاً للركعة؛ لأنه لو أدرك كل الركعة لكانت محسوبة له فكذلك إذا أدرك ركوعها كالركعة المحسوبة للإمام.
وأصحهما: أنه لا يكون مدركاً؛ لأن الحكم بإدراك ما قبل الركوع بإدراك الركوع خلاف الحقيقة، إنما يصار إليه إذا كان الركوع محسوباً من صلاة الإمام ليتحمل به، فأما غير المحسوب لا يصلح للتحمل عن الغير، ويخالف ما لو أدرك جميع الركعة، فإنه قد فعلها بنفسه، فتصحح على وجه الانفراد، إذا تعذر تصحيحها على وجه الجماعة، ولا يمكن التصحيح هاهنا على سبيل الانفراد فإن الركوع لا يُبتَدَأُ به.
قال الشيخ أبو علي: والوجهان عندي مبنيان على القولين في جواز الجُمُعَةِ خلف الجنب والمحدث، ووجه الشبه أن المقتدي في القولين في جميع الركعة في الجمعة كالمقتدي في الركوع في سائر الصلوات؛ لأنه بالاقتداء (1) يسقط فرضاً عن نفسه، ولو كان منفرداً للزمه وهو رد الأربع إلى ركعتين، كما أن المقتدي في الركوع يسقط فرضاً عن نفسه وهو القيام والقراءة في تلك الركعة، فإن قلنا: يصح الاقتداء بالمحدث لإسقاط فرض الانفراد في الجمعة، فكذلك هَاهُنَا، وإلا فلا.
إذا عرف ذلك، فنقول: لو لم يدرك في الجمعة مع الإمام إلا ركوع الثانية، ثم بَانَ أن الإمام كان محدثاً، فإن قلنا: إنه لو أدرك جميع الركعة معه لم يكن مدركاً ركعة من الجمعة، فهاهنا أولى، وإن قلنا: ثم يكون مدركاً ركعة من الجمعة فهاهنا وجهان، إن قلنا: إن مدرك الركوع مع الإمام المحدث مدرك للركعة فكذلك هاهنا، وإلا فلا.
ثم قوله: (ولو لم يدرك مع المحدث إلا ركوع الثانية) يعني: لم يدرك شيئاً قبله، فأما ما بعد الركوع من أركان الركعة لا بد من إدراكها مع الإمام، أو قبل سلامه إن فرض زحام أو نسيان، وتخلف لذلك.
وقوله: (ففي إدراكه وجهان) أي في إدراكه الجمعة، ولو حمل على الخلاف في إدراك الركعة لم يكن للتخصيص بركوع الثانية معنى.
قال الغزالي: الثَّانِيَةُ إِذَا أَحْدَثَ الإمَامُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا فَاسْتَخْلَفَ مَنْ كَانَ اقْتَدَى بِهِ وسَمِعَ الْخُطْبَةَ صَحَّ اسْتِخْلافُهُ فِي (2) الْجَدِيدِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعِ الخُطْبَةَ فَوَجْهَانِ، وَلاَ يَشْتَرِطُ اسْتِئنَافُ نيَّةِ القُدْوَةِ بَلْ هُوَ خَلِيفَةُ الأوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفِ الإمَامُ فَتَقْدِيمُ القَوْمِ كَاسْتِخْلاَفِهِ (ح) بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنَ اسْتِخْلافِهِ، وَذَلِكَ وَاجِبٌ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى، وَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ فَلَهُمْ الانْفِرَادُ بِهَا كَالْمَسْبُوقِ.