صائرون إلى القيام كالإمام، ولو فارقوه عند رفع الرأس من السجود جاز أيضاً، ذكره في "التهذيب" وغيره، وقوله: (وانحاز الفئة المقاتلة) إنما سماها مقاتلة؛ لأنه فرض الكلام فيما إذا التحم القتال، فإما إذا كان يخاف هجومهم ويتوقع القتال، فليست هي بمقاتلة في الحال، يجوز أن يقرأ الفئة المقابلة بالباء، فيشمل الحالتين؛ لأنهما على التقديرين مقابلة للعدو
وقوله (فإذا جلس للتشهد، قاموا وأتموا) معلم بالحاء؛ لأن عنده إنما يقومون إذا سلم الإمام لا إذا جلس لِلتَّشَهُّدِ، وبالميم والواو لما سبق.
وقوله (هكذا صَلَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِذَاتِ الرِّقَاعِ) اختلفوا في اشتقاق هذه اللفظة قيل: كان القتال في سفح جبل فيه جُدَدٌ بِيضٌ وحمر وصفر كالرقاع، وقيل: كانت الصحابة -رضوان الله عليهم- حفاة لَفُّوا على أرجلهم الخرق والجلود، لِئلاَّ تحترق.
وقوله في رواية خوات بن جبير: (اشتهر في كتب الفقه نسبة هذه الرواية إلى خوات) والمنقول أصول الحديث رواية صالح عن سهل وَعَمَّنْ صلَّى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فالفعل هذا المبهم ذِكْرُ خواتٍ أبو صالح ولله أعلم.
وقوله: (وليس فيها إلا الانفراد عن الإمام في الركعة الثانية) هذا الانفراد ظاهر في حق الطائفة الأولى، فأما الطائفة الثانية فهم على متابعته بعد الركعة الثانية، وفي الركعة الثانية كلام سيأتي ذكره مِنْ بَعْد، والمقصود منه بيان رُجْحَان هذه الرواية على رواية ابن عمر -رضي الله عنهما-، وفيه إشارة إلى مسألة لاَ بُدَّ من ذكرها وهي أنه لو أقام الصَّلاة بهم على هذه الهيئة في حالة الأمن، هل يجوز ذلك أم لا؟ أما صلاة الإمام فمنهم من قال: لا تصح قولاً واحداً؛ لأنه تطويل صلاة بالقراءة أو التَّشَهد، وذلك مما لا منع منه (1).
وقال الأكثرون: فيه قولان؛ لأنه انتظر المأمومين بغير عذر، وبنى القاضي أبو الطيب القولين فيما إذا فرقهم أربع فرق في الصَّلاة الرباعية؛ لأنه في الصورتين انتظر في غير محل الحاجة، وأما الطَّائفة الأولى ففي صِحّة صلاتها قولان؛ لأنها فارقت الإمام بغير عذر، وأما الطائفة الثانية، فإن قلنا: صلاة الإمام تبطل امتنع عليهم الاقتداء، والأصح إجزاؤهم، ثم تبنى صلاتهم إذا قاموا إلى الركعة الثانية على خلاف يأتي في أنهم متفردون بها أم حكم الاقتداء باق عليهم؟
إن قلنا بالأول ففي صلاتهم (2) قولان مبنيان على أصلين: