ولا بأس بالتَّخمير عند غسله كما لا بأس بجلوس المحرم عند العَطَّار، وإذا ماتت المعتدة التي تحدّ، هل يجوز تطيّيبها؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، صِيَانة لها عمَّا كان حراماً عليها في حياتها كالمحرم، وبهذا قال أبو إسحاق.
وأظهرهما: نعم؛ لأن التَّحريم كان احترازاً عن الرِّجَال وتفجعاً لفراق الزوج، وقد زال المعنيان بالموت بخلاف المُحْرم، فإن التحريم في حقه لحق الله -تعالى جدّه- فلا يزول بالموت، وهل يقلّم أظفار غير المحرم من الموتى ويؤخذ شاربه وشعر إبطه وعانته؟ فيه قولان:
القديم: لا (1)، ويه قال مالك وأبو حنيفة والمزني -رحمهم الله-؛ لأن مصيره إلى البَلِى، وصار كالأَقْلَفِ لا يختن بعد موته.
والجديد: وبه قال أحمد: نعم، كما يتنظَّف الحيُّ بهذه الأشياء، وقد روي أنه قال: "اصْنَعُوا بِمَوْتَاكُمْ مَا تَفْعَلُونَ بِعَرُوسِكُمْ" (2).
والقولان في الكراهية، ولا خلاف في أن هذه الأمور لا تستحب، كذلك ذكره القَاضِي الروياني، ونقل تَفْريعاً على الجديد أنه يتخيَّر الغاسل في شعر الإبطيين النَّتف والإزالة بالنُّوْرَة ويأخذ شعر العَانَة بالجلم، أو المُوسَى أو النُّورة.
وحكي عن بعض الأصحاب أنه لا يزال إلا بالنّورَة احْتِرَاز عن النَّظَرِ إلى الفَرْج.
وقوله في الكتاب: "الَّذي يستحبُّ في الحياة حلقه" فيه إشارة إلى أنه لا يحلق شعر الرأس بحال، فإنَّ إزالته غير مأمور بها إلاَّ في المناسك، ومنهم من طرد الخلاف في شعر الرأس إذا كان من عادة الميت الحلق في حالة الحياة.
واعلم: أن جميع ما ذكرناه في وظيفة الغسل مفروض في حقِّ غير الشهيد وأما