عبد الله (أنَّ عليَّاً - رضي الله عنه - قدم من سعايته، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بما أهللت؟ قال: بما أهلَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم -).
وهذا قد يقول القائل فيه: إنّه يحتمل أن يكون قد أحرم بالحج معيَّناً، واتفق موافقته لإحرام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن حديث أبي موسى الأشعري (1) (أنّه لما قدم، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بما أهللت؟ قال: قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أحسنت) أخرجاه في الصحيحين (2)، لا يتطرق إليه ذلك الاحتمال، وهو ظاهر الدلالة على المدَّعي، والله أعلم.
ذكر الوجهين فيما إذا أحرم بمثل إحرام زيدٍ، وهو عالم بأن زيداً لم يكن محرماً (3). وأصحهما - ولم يذكر أكثرهم غيره - أنّه ينعقد إحرامه مطلقاً (4)، كما في صورة الجهالة، والله أعلم. (1) ساقط من (ب). وأبو موسى الأشعري هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار الكوفي - رضي الله عنه -، قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة قبل الهجرة، فأسلم ثم هاجر إلى الحبشة، وقدم مع جعفر زمن خيبر، واستعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع معاذ على اليمن، ثم ولي لعمر الكوفة والبصرة، وإليه المنتهى في حسن الصوت بالقرآن، ومناقبه كثيرة ومشهورة، مات بمكة، وقيل بالكوفة، سنة 42 أو 44 هـ على ما صححه الذهبي، أو 50، أو 51، أو 52 هـ على ما صححه ابن كثير. انظر: طبقات الفقهاء ص 25، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 268 - 269، تذكرة الحفاظ 1/ 230 - 231، البداية والنهاية 8/ 43 - 57.
(2) البخاري 3/ 487، 654، 720 - مع الفتح - في كتاب الحج، باب من أهلَّ في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم - كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وباب الذبح قبل الحلق، وفي كتاب العمرة، باب متى يحلُّ المعتمر. و 7/ 661، 708 في كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع، وباب حجة الوداع. ومسلم 8/ 198 - 201 في كتاب الحج، باب جواز تعليق الإحرام.
(3) الوسيط 1/ ق 171/ أ.
(4) انظر: المهذَّب 1/ 275، البسيط 1/ ق 250/ أ، الوجيز 1/ 116، شرح السنة 4/ 36، فتح العزيز 7/ 214 - 215، المجموع 7/ 241، الروضة 2/ 337.