وقضية الشرع دون اللغة فيقال لهم: لم قلتم ذلك، وأي معنى في النهي أو في المنهي عنه أو في الشرع ينفي كون المنهي عنه صحيحًا ومجزئًا ماضيًا؟.
فإن قالوا: الذي ينفي كونه كذلك كون المنهي عنه مكروهًا أو كونه معصية قبيحًا.
قيل لهم: لم قلتم إن وقوعه كذلك منافٍ لإجزائه ووقوعه موقع المأمور به، وفيه وقع الخلاف، فلا يجدون متعلقًا.
ويقال لهم: فيجب لذلك أن لا تجزئ الصلاة في الدار المغصوبة والتوضيء بماء مغصوب وطلاق البدعة وكل منهي عنه، وأن لا يقع شيء منه موقع الصحيح لكونه مكروهًا وقبيحًا وعصيانًا حرامًا، ولما لم يكن ذلك كذلك عند أكثرهم، ولم يتأت كون الشيء واقعًا على هذه الصفات كونه مجزئًا بطل ما قالوه.
شبهة لهم أخرى: وإن هم قالوا: لما كان النهي عن الشيء ينفي الإباحة له والأمر به، وكان لا دليل في الشرع يدل على إجزاء الشيء وصحته إلا الإباحة له والأمر به، وذلك مناف للمنهي عنه وجب دلالة النهي على فساد المنهي عنه.
فيقال لهم: لم قلتم إنه لا دليل في الشرع يقضي على إجزاء الشيء وصحته إلا الإباحة له والأمر به، وهل الخلاف إلا في ذلك. وبضرورة علمتم صحة هذه الدعوى أم بدليل؟ فلا تجدون إلى ذكر شيء سبيلًا.
فإن قالوا: فبأي شيء يمكن أن يدل على ذلك من حاله سوى الأمر به والإباحة له.
قيل لهم: لا يجب علينا ذكر ذلك، بل يجب أن تدلوا أنتم على أنه لا شيء يدل على ذلك من حاله إلا الأمر/ ص 310 أو الإباحة.