باب
القول في أقسام النسخ في نفسه
أقسام النسخ نفسه في أربعة:
نسخ الحكم مع تلاوة نظمه.
ونسخ الحكم كله أو بعضه دون تلاوة النص برسمه.
ونسخ تلاوة النص دون حكمه.
ونسخ بزيادة على النص برسمه.
وهذا مذهبنا إذا كان الثابت بالنص سببًا للحكم أو حكمًا.
وقال الشافعي: الزيادة على النص بيان, وليس بنسخ.
وقال يعضهم: لا يكون النسخ للتلاوة دون الحكم, ولا للحكم بدون التلاوة, لأن النص متلو هو الموجب للحكم, فلا يجوز أن يبقى السبب الموجب بلا وجوب أصلًا لأن الأسباب لا تبقى بدون أحكامها مقصودة, وكذلك الحكم لا يبقى بنفسه بلا سببه.
وأما نسخ التلاوة مع الحكم فنحو صحف إبراهيم التي أخبر بها الله تعالى, وما بقي منها أثر, وذلك بأحد طريقين إما بصرف الله تعالى القلوب عن حفظها ورفع ذكرها عن القلوب أو بموت العلماء بلا خلف, وهذا الضرب كان جائزًا على القرآن ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيًا فأما بعد وفاته فممتنع لأنه لو جاز ذلك في البعض لجاز في الكل والله تعالى يقول: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} ولم يرد الله حفظه لديه فإنه مما لا يجوز أن يتصف الله بنسيان أو غفلة.
فثبت أنه أراد حفظه لدينا فإنه مما يحتمل ضياعه بتبديل منا قصدًا كما فعل أهل الكتاب أو بنسيان.
ولأن الله تعالى ما أخلى عباده فيما ابتلاهم به من أداء أماناته عن الوحي, وما تركهم ومجرد العقول.
ولو احتمل ذهاب القرآن ولا وحي يتجدد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لخلو عن الوحي في مدة الابتلاء, ولم يوجد ذلك من الله تعالى فيما مضى قبلنا, وغير جائز ذلك مع قيام الابتلاء بهذه الحدود من العبادات, لأنا لاننالها بمجرد العقول, ولا انتساخ لهذه الشريعة فعلم ضرورة بقاء الوحي كما أنزل معنا إلى وقت ارتفاع الخطاب بالابتلاء بآيات القيامة