باب
القول في بيان ما لا بد للقياس من معرفته
للقياس معنى لغة، وركن يقوم به، وشرط لا يعمل به إلا عنده، وحكم يثبت به وهو أثر علمه، ولا بد من معرفتها، لأن الاسم بلا معنى فاسد من الدعوى فلا بد فيه من معرفة المعنى، ولا قوام لشيء إلا بركنه، ولا عمل إلا عند شرطه، ولا يخرج من الفعل عن حد السفه والعبث إلا بفائدته، وذلك حكمه الثابت به.
فأما القياس لغة: فإنه اسم من قاس يقيس، وتفسير قاس الشيء بالشيء، جعله نظيرًا له، يقال: قس النعل بالنعل أي احذه به واجعله نظيرًا للآخر.
وقد يكون القياس مصدر قايس يقايس مقايسة وقياسًا.
ونظير القياس العبرة وهي الأصل الذي يقاس به غيره.
وسمي القياس الشرعي نظرًا لأنه بنظر القلب يصاب.
ويسمى اجتهادًا لأنه باجتهاد القلب أي ببذله مجهوده في معرفة النظير يصير قياسًا.
فأما الركن: فالذي يصير به الفرع نظيرًا للأصل بما تعلق به حكم الأصل لأن القياس والمحاذاة به تقوم.
وركن الشيء ما يقوم به الشيء كأركان البيت اسم لما يقوم به البيت من البناء.
وأما الشرط فما لا يعمل الركن عمله إلا معه لأن الشرط علامة في الأصل على ما يأتيك تفسيره وحده، فتكون العلامة على الشيء ما يظهر عندها لا أن يوجد بها كالشهود في النكاح لا يثبت النكاح موجودًا بهم بل بالإيجاب، والقبول لكن لا يوجد على ما شرع النكاح له إلا معهم.
وكشرط الطلاق علم على وجوده فأما الوجود فمضاف إلى تطليق الزوج، والله أعلم.