باب
القول في جملة القائلين بلا دليل مع اعتقادهم بطلان الاحتجاج به
هؤلاء الرهط أربعة أقسام:
أ- المحتجون باستصحاب الحال.
ب- المحتجون بتعارض الأشباه.
ج- المستدلون باطراد الوصف بلا مناقضة على صحة العلة.
د- والمستدلون بعدم الحكم عند عدم العلة على صحة العلة.
أما استصحاب الحال: فنحو قول جماعة؛ لا زكاة في مال الصبي لأن الأصل هو العدم فنستصحبه إلا بدليل، والحقتان قد وجبتا في مائة وعشرين فنستصحب هذا الوجوب بعد الواحدة إلا بدليل.
ونحو قول الشافعي رحمه الله، فيمن اشترى أخاه: أنه لا يعتق عليه لأن الشراء أوجب الملك له فيه فنستصحبه إلا بدليل.
وهذا لأن ثبوت العدم لا يوجب بقاءه ولا ينفي حدوث علة موحدة ولا ثبوت الوجود بعلة توجب بقاءه ولا ينفي قيام ما يعدمه، ألا ترى أن عدم الشراء منك لا يمنعك عن الشراء، ولا يوجب أيضًا دوام العدم بل يدوم لعدم الشراء منك للحال لا بحكم العدم فيما مضى، وإذا اشتريت فهذا الشراء أوجب الملك فلا يوجب بقاءه، وإنما يبقى بعدم ما يزيله، ولا يمنع حدوث ما يزيله.
وحياة الإنسان بعلتها لا توجب البقاء، ولا يمنع طريان الموت ما في هذه الجملة إشكالًا فإذا أراد إثبات دوام الحالة الثابتة في المستقبل بكونه ثابتًا، وهو ما يوجبه بل يبقى لاستغنائه عن الدليل في بقائه كان محتجًا بلا دليل.
ولأن الإجماع ثابت. إن الثابت لا يزول إلا بدليل فكان الاختلاف في الزوال اختلافًا في دليله، فالذي يدعي الزوال يدعي دليلًا والآخر ينكره فلا يكون إنكاره حجة على غيره كدعوى غيره عليه، وهذا كالبعير الزائد على المائة والعشرين.
قال خصمنا: إنه نصاب آخر على عفو الحقتين فيتغير الواجب به.
وعندنا: هو عفو مبتدأ فلا يتغير به الواجب، فلا يكون كينونة المائة والعشرين عفوًا