وقالوا: إن المحرمية بالرحم مع الملك علة للعتق بمنزلة التحرير.
ثم قالوا في العبد بين اثنين إذا ادعى أحدهما أنه ابنه عتق عليه، وضمن، وإن ثبت الملك بهما جميعا لأن تمام العلة بالقرابة، وهي ثبتت بالدعوة وبمثله لو كانت البنوة ظاهرة وهو بين رجلين فاشترى الأب نصيب أحدهما ضمن لأن تمام العلة كان بالملك، وإنما يثبت بصنع الأب فأضيف الحكم إليه وسقط اعتبار الأول.
وقالوا إذا قال لامرأته: إن دخلت هاتين الدارين فأنت طالق، فأبانها وانقضت عدتها فدخلت إحدى الدارين، ثم تزوجها فدخلت الدار الأخرى: طلقت، لأن تمام الشرط علة حلول الطلاق، والتمام وجد في الملك فصار ما قبل التمام من الشرط كأنه ليس بشرط الطلاق فصح وجوده حكما بلا ملك النكاح، والله أعلم.
فصل
وأما السبب الذي هو علة العلة فهو السبب الموجب، لأنه أوجب علة الحكم فمن حيث لم يوجب إلا بواسطة علة كان سببا.
ومن حيث حدثت العلة الموجبة للحكمة به أضيف الوجوب إليه فصار موجبا.
ولهذا السبب حكم العلة من كل وجه.
لأن علة الحكم لما حدثت بالأولى صارت العلة الأخيرة حكما للأولى مع حكمها لأن الحكم الثاني مضاف إليها، وهي مضافة إلى الأولى فصارت الأولى بمنزلة علة لها حكمان.
ومثاله: الرمي المصيب القاتل، فإنه سبب موجب للموت لأن فعل الرمي ينقطع قبل الإصابة، لكنه أوجب حراكا في السهم وصل به إلى المرمى، وأوجب نقض بنيته ثم انتقاض البنية أحدث آلاما قتلته فكان الرمي سببا موجبا، وله حكم حز الرقبة من كل وجه فصار الموت وسراية الألم وانتقاض البنية ونفوذ السهم أحكاما للرمي.
وقلنا نحن: إن شراء القريب إعتاق.
ويجوز به التكفير لأنه سبب موجب للعتق لأن الشراء علة الملك.
وملك القريب علة العتق فكان الشراء علةَ علةِ العتق فكان له حكم العلة وصار الملك مع العتق حكمين للشراء.
ولهذا قلنا: إن الحكم يضاف إلى آخر أوصاف العلة لأن ما مضى إنما يصير موجبا بالأخير ثم الحكم يجب بالكل فيصير الوصف الأخير كعلة العلة من هذه الجملة قطع حبل القنديل حتى انكسر، وشق زق الدهن حتى سال، لأن قوامه بمسكته ومسكة القنديل