القول في صفة قبح المنهي عنه وحكمه
النهي على أربعة أقسام في هذا الباب، كالأمر في حق الحسن.
- منه ما ورد لقبح الفعل المنهي عنه في عينه.
- ومنه ما ورد لقبح في غيره.
- والذي قبح في عينه نوعان:
- ما قبح وضعاً.
- وما التحق به شرعاً.
والذي قبح لغيره نوعان:
- ما صار القبح مهم وصفاً.
- وما جاوره جمعاً.
- أما الأول: فكالسفه والعبث، فواضع اللغة وضع الاسمين لفعلين عرفهما قبيح في ذاتهما عقلاً.
- وأما الثاني: فكالنهي عن بيع الملاقيح والمضامين، والصلاة بغير وضوء، فالبيع في نفسه مما يتعلق به المصالح ولكن الشرع لما قصر محله على مال متقوم حال العقد، والماء قبل أن يخلق منه الحيوان ليس بمال صار بيعه عبثاً لحلوله في غير محله كضرب الميت وقتل الموات وأكل ما لا يتغذى به.
وكذلك الشرع قصر اهلية العبد لأداء الصلاة على حال طهارته عن الحدث فصار فعل صلاته مع الحدث عبثاً لخروجه من غير أهله، نحو كلام المجنون والطائر فالتحقا بالقبيح وضعاً بواسطة عدم الأهلية والمحلية شرعاً.
- وأما الثالث: فنحو البيع بشرط فاسد، وبيع الدرهم بالدرهمين فالنهي ورد بمعنى الشرط والشرط غير البيع، وبيع الربا منهي عنه لعدم شرط المماثلة الذي علق الجواز به فالمماثلة شرط زائد على البيع فتمامه بوجوده من أهله في محله والمحل قائم شرعاً مع المفاضلة فإنهما مالان متقومان.
وأما الرابع: فنحو البيع وقت النداء يوم الجمعة، والصلاة في أرض مغصوبة، والنهي ورد لمعنى الاشتغال بالبيع عن السعي إلى الجمعة، وبين الاشتغال والبيع مجاورة فما هو من البيع في شيء، والنهي عن الصلاة في أرض مغصوبة جاء لمعنى الغصب، وما هو من الصلاة في شيء فغصب الأرض في شغلها بنفسه لا بصلاته.