القول في العبادات
العبادات مؤقتة وغير مؤقتة.
فالمؤقتة: ما اختص جوازها بوقت عين، تفوت العبادة بفوته.
وغير المؤقتة: ما لم يذكر لها وقت وكان اعتباره لغواً في حق جواز أدائها.
ثم المؤقتة على ضربين: ما كان الوقت شرطاً لجواز الأداء فيه، دون أن يكون معياراً للفعل المأمور به.
وهو نوعان: وقت عين متوسع.
ووقت عين مشكل توسعه وتضيقه، والضرب الآخر ما يكون معياراً للفعل المأمور به، وهو نوع لا يتصور أن يكون متوسعاً فصارت أقسام المؤقتة ثلاثاً.
- وما ليست بمؤقتة: قسماً رابعاً.
أما الأول فنحو وقت الصلاة كالظهر والعصر ونحوهما.
فالظهر اسم معرفة لسعة من النهار ولا يشاركها سائر الطاعات فيه فكانت معرفة وعيناً لا جهالة فيه بوجه، ولا جواز للأداء إلا فيه، وهو متوسع لأنه يفضل عن أدائها إذا أداها بقدر المفروض وليس بمعيار للفعل المأمور به.
والمعنى بالمعيار الوقت المثبت لقدر الفعل كالكيل في المكيلات، وقدر فعل الصلاة لا يثبت بالوقت بل بأفعال معلومة مما يشاهد من الفاعل من نحو القيام والركوع والسجود فيتم بها قدر ما أمره به من الفعل لا أثر لقدر الوقت في إثبات قدرها بوجه، فإن العبد متى قصر الأفعال تأدت بجزء قليل منه وإذا أطال ركناً منه مضى الوقت قبل أداء ما بقي.
فصل
وأما المشكل فوقت الحج، فالوقت أشهر الحج وهو: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وهذه أسماء معرفة لشهورها تصير بها عيناً كزيد وأحمد، والسبت والأحد للأيام، والظهر والعصر للساعات، وهذا الوقت من سنته تلك لا يفضل عن حجة لأخرى لكن الحج يجب في العمر مرة واحدة، والله تعالى ما عين أول السنة للأداء فيها حتى يكون الوقت متضيقاً لا يفضل عن الأداء، ولا يعلم يقيناً بالعشر سنين حتى يكون متوسعاً يفضل بعض الوقت عن الأداء فسميناه مشكلاً إن مات فهو متضيق وإن عاش فهو متوسع.
فإن قيل: إذا عاش لم يكن الوقت عيناً والوقت أشهر الحج من سنة من جملة سني عمره.