يكون من عمل بِأحد الْخَبَرَيْنِ قد عمل بِالْآخرِ وَإِن لم يعلم أَي عمليه هُوَ الْمُتَأَخر فَيكون الْخَبَر الَّذِي عمل بِهِ الْفَرِيقَانِ أولى قَالَ قَاضِي الْقُضَاة لأَنا إِذا لم نعلم أَي العملين هُوَ الْمُتَأَخر كَانَ إِجْمَاعًا وَلَيْسَ لنا أَن ندفعه بالمحتمل
وَلقَائِل أَن يَقُول سَوَاء كَانَ الْعَمَل بذلك الْخَبَر مُتَقَدما أَو مُتَأَخِّرًا فانه يكون إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ إِن كَانَ مُتَقَدما فقد وافقوا رِوَايَة الْخَبَر الآخر وَكَذَلِكَ إِن كَانَ مُتَأَخِّرًا لِأَن رُوَاة الْخَبَر الآخر عاملون بِهِ على كل حَال
وَأما الأمارة المرجحة للْخَبَر فَقِيَاس الْأُصُول إِذا شهد بِمَا دلّ عَلَيْهِ الْخَبَر
فَأَما مَا لَا يَكْفِي فِي ثُبُوت الحكم فضربان
أَحدهمَا أَن يُوَافق أحد الْخَبَرَيْنِ حكم الْعقل الَّذِي يجوز الِانْتِقَال عَنهُ وَذَلِكَ أَن الْعقل لَيْسَ يَكْفِي فِي قبح الْمضرَّة إِلَّا بِشَرْط أَن لَا يُوجد دَلِيل شَرْعِي يدل على أَن فِيهِ مصلحَة وَمَنْفَعَة موفية فان وَافق حكم الْعقل أحد الْخَبَرَيْنِ لم يرجح بذلك على الْخَبَر الآخر فَلذَلِك أخرنا الْكَلَام فِي هَذَا الْقسم
وَالضَّرْب الآخر أَن يعْمل أَكثر السّلف بِأحد الْخَبَرَيْنِ ويعيبوا على من خَالفه كَخَبَر الرِّبَا وَقد رجح بذلك عيس بن أبان لِأَن الْأَغْلَب أَن الصَّوَاب يكون مَعَ الْأَكْثَر وَيمْنَع مِنْهُ قَاضِي الْقُضَاة لِأَن عمل الْأَكْثَر لَيْسَ بِحجَّة وَيجوز الْغَلَط عَلَيْهِم كجوازه على الْأَقَل
وَأما التَّرْجِيح بِصفة حكم الْخَبَر فوجوه
مِنْهَا أَن يكون جكم أحد الْخَبَرَيْنِ مطابقا للْأَصْل وَيكون الآخر نَاقِلا عَن الأَصْل نفيا كَانَ أَو إِثْبَاتًا
وَمِنْهَا أَن يكون لأحد الْخَبَرَيْنِ حكم بَاقٍ بِاتِّفَاق وَلَيْسَ كَذَلِك للْخَبَر الآخر