بالاهتداء بهدي بشر، فيجب أن يتحققوا أنهم ليس لهم دليل، وإنما هي سخافة وتهويل. . . فأوصيكم بوصيتين ألا تستدلوا عليهم وطالبوهم بالدليل، فإن المبتدع إذا استدللت عليه شغب وإذا طالبته بالدليل لم يجد إليه سبيلا، فأما قولهم: لا قول إلا ما قال الله، فحق ولكن: أَرِنِي ما قال الله، وأما قولهم: لا حكم إلا لله، فغير مسلم على الإطلاق، بل من حكم الله أن يجعل الحكم لغيره مما قاله، وأخبر به، فصح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وإذا حاصرت أهل حصن، فلا تنزلهم على حكم الله، فإنك لا تدري ما حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك)، وصح قوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء، الحديث" (١).
ويعارض ابنُ العربي مقالةَ الظاهرية ويناقضهم فيقول في ذلك شعرا منه:
قالوا الظواهر أصل لا يجوز لنا ... عنها العدول إلى رأي ولا نظر
قلت اخسأوا فمقام الدين ليس لكم ... هذه العظائم فاستخفوا من الوتر
فالظاهرية في بطلان قولهم ... كالباطنية غير الفرق في الصور
كلاهما هادم للدين من جهة ... والمقطع العدل موقوفا على النظر
هذي الصحابة تستمري خواطرها ... ولا تخاف عليها غرة الخطر
وتعمل الرأي مضبوطا مآخذه ... وتخرج الحق محفوظا من الأثر (٢)
(١) تذكرة الحفاظ (ج ٣/ ص ١١٤٩ - ١١٥٠) وطبقات علماء الحديث (ج ٣/ ص ٣٤٩ - ٣٥٠).
(٢) العارضة (ج ١٠/ ص ١٠٩) وآراء أبي بكر بن العربي الكلامية (ج ١/ ص ٧٣).